على أن على المرأة القيام بجميع ما يحتاج إليه زوجها من الخدمة، وإليه ذهب أبو ثور، ويؤيده حديث فاطمة رضي الله عنها، حين شكت ما تلقى يداها من الرحى، وسألت أباها خادماً، فدلها على خير من ذلك، وهو ذكر الله تعالى.
وقال النووي: ما قامت به أسماء -رضي الله عنها- كله من المعروف والمروءات، التي أطبق عليها الناس، وهو أن المرأة تخدم زوجها هذه الأمور المذكورة ونحوها، من الخبز والطبخ وغسل الثياب وغير ذلك، وكله تبرع من المرأة، وإحسان منها إلى زوجها، وحسن معاشرة، وفعل معروف معه، ولا يجب عليها شيء من ذلك، بل لو امتنعت من جميع هذا لم تأثم، ويلزمه هو تحصيل هذه الأمور لها، ولا يحل له إلزامها بشيء من هذا، وإنما تفعله المرأة تبرعاً، وهي عادة جميلة استمر عليها النساء، من الزمن الأول، إلى الآن، وإنما الواجب على المرأة شيئان، تمكينها زوجها من نفسها، وملازمة بيته. اهـ
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة، فلا يطرد الحكم في غيرها، مما لم يكن في مثل حالهم، والذي يترجح حمل الأمر في ذلك على عوائد البلاد، فإنها مختلفة في هذا الباب.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - جواز الإرداف على الدابة، إذا كانت مطيقة.
٢ - وجواز إرداف المرأة التي ليست محرماً، إذا وجدت في طريق وقد أعيت، ولا سيما مع جماعة رجال صالحين. ولا شك في جواز مثل هذا. كذا قال النووي، وقال القاضي عياض: هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن، لتقتدي به أمته، قال: وإنما كانت هذه الخصوصية له لكونها بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وامرأة للزبير، فكانت كإحدى أهله ونسائه، مع ما خص به صلى الله عليه وسلم من أنه أملك لإربه، وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف، بكل حال.
٣ - وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على المؤمنين والمؤمنات، ورحمتهم ومواساتهم فيما أمكنه.
٤ - ومن التقاطها النوى قال القاضي عياض: فيه جواز التقاط المطروحات رغبة عنها، كالنوى والسنابل وخرق المزابل وسقاطتها، وما يطرحه الناس من رديء المتاع ورديء الخضر وغيرها، مما يعرف أنهم تركوه، رغبة عنه، فكل هذا يحل التقاطه، ويملكه الملتقط، وقد لقطه الصالحون وأهل الورع، ورأوه من الحلال المحض، وارتضوه لأكلهم ولباسهم.
٥ - ومن إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الأرض للزبير جواز إقطاع الإمام، قال النووي: فأما الأرض المملوكة لبيت المال فلا يملكها أحد إلا بإقطاع الإمام، ثم تارة يقطع رقبتها، ويملكها الإنسان، حيث يرى في ذلك مصلحة، فيجوز، ويملكها كما يملك ما يعطيه من الدراهم والدنانير وغيرها، وتارة يقطعه منفعتها، فيستحق الانتفاع بها مدة الإقطاع.