ذكر "بسم الله أرقيك" في الأول وتكرارها في الآخر، يعرف في البديع بالاحتباك، وهو عود العجز على الصدر، وجملة "يؤذيك" صفة الشيء، والجار والمجرور "من كل شيء". "من شر نفس" يصح أن يتعلق بيشفيك، أو بأرقيك.
وقوله "من شر كل نفس أو عين حاسد" قال النووي: قيل: يحتمل أن المراد بالنفس نفس الآدمي، وقيل: يحتمل أن المراد بها العين، فإن النفس تطلق على العين، يقال: رجل نفوس، إذا كان يصيب الناس بعينه، كما قال في الرواية الأخرى "من شر كل ذي عين" ويكون قوله "أو عين حاسد" من باب التوكيد بلفظ مختلف، أو شكا من الراوي في لفظه.
(العين حق) أي الإصابة بالعين شيء ثابت موجود، وهو من جملة ما تحقق كونه، زاد أحمد "ويحضرها الشيطان، وحسد ابن آدم" وسيأتي في فقه الحديث تفصيل الكلام في كيفية إصابتها.
(ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين) هذا تأكيد وتنبيه على سرعة نفوذها وتأثيره في الشيء، قال القرطبي: حاصله لو فرض أن شيئاً له قوة، بحيث يسبق القدر، لكان العين، لكنها لا تسبق، فكيف غيرها؟ .
(وإذا استغسلتم فاغسلوا) "استغسلتم" بضم التاء، مبني للمجهول، أي إذا طلب من العائن أن يغتسل، ليصيب المعيون من ماء غسله، رجاء الشفاء، فلا يمتنع، وسيأتي مزيد لهذه المسألة في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
(ملحوظة) ساق الإمام مسلم -رحمه الله- بعد هذه الأحاديث الأربعة، والأحاديث الخاصة بالسحر، وعقبها بالحديث الخاص بالسم، ثم عاد إلى أحاديث رقية المريض من رقم إلى رقم، وللترابط سنتكلم عن فقه حديثها هنا، أما مباحثها العربية فستكون في موضعها.
ويمكن حصر شتات مسائل الموضوع في سبع نقاط:
١ - العين والحسد، وتأثيرهما، والوقاية منهما، وعلاجهما.
٢ - حكم الرقية بالآيات القرآنية، وبالأحاديث النبوية، والأذكار، وغيرها.
٣ - الجمع بين الأحاديث المرخصة بالرقية، والناهية عنها.
٤ - المواضع المرخص فيها بالرقى عند من يقول بشرعيتها.
٥ - ألفاظ الرقى الواردة، وكيفية استعمالها.
٦ - أخذ الأجرة على الرقية.
٧ - ما يؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم.