قتله، وإنما لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم لبيد بن الأعصم، لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ولأنه خشي إذا قتله أن تثور بذلك فتنة بين المسلمين وبين حلفائه من الأنصار، وهو من نمط ما راعاه من ترك قتل المنافقين، سواء كان لبيد يهودياً أو منافقاً على ما مضى من الاختلاف فيه، قال ابن بطال: وعند مالك أن حكم الساحر -أي المسلم- حكم الزنديق، أي فهو بسحره كافر، فلا تقبل توبته، ويقتل حداً، إذا ثبت عليه ذلك -أي بالإقرار أو بالبينة- وبه قال أحمد، وقال الشافعي: لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره، فيقتل به، فإن اعترف أن سحره قد يقتل، وقد لا يقتل، وأنه سحره، وأنه مات، لم يجب عليه القصاص، ووجبت الدية في ماله، لا على عاقلته، ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة، وادعى أبو بكر الرازي في "الأحكام" أن الشافعي تفرد بقوله: إن الساحر يقتل قصاصاً إذا اعترف أنه قتله بسحره. والله أعلم.
٩ - وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بباب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟ وقد احتج الزهري بهذا الحديث على أنه يعفى عنه، وقال ابن بطال: لا حجة للزهري فيه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ينتقم لنفسه، ولأن السحر لم يضره في شيء من أمور الوحي ولا في بدنه، وإنما كان اعتراه شيء من التخيل.