للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشاهده من حال المريض، فلعل قوله في الحبة السوداء وافق مرض من مزاجه بارد، فيكون معنى قوله "شفاء من كل داء" أي من هذا الجنس الذي وقع القول فيه، والتخصيص بالحيثية كثير شائع. اهـ ومال الحافظ ابن حجر إلى إبقاء العموم، على أن يلاحظ اختلاف الأفراد والأزمنة والكميات والتركيبات، قال: ولا محذور في ذلك، ولا خروج عن ظاهر الحديث.

وقد فسر الراوي "الحبة السوداء" بالشونيز، قال النووي: وهذا هو الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور. اهـ

قال الحافظ ابن حجر: والشونيز بضم الشين وسكون الواو، وكسر النون وسكون الياء، وقال القرطبي: قيد بعض مشايخنا الشين بالفتح، وحكى القاضي عياض عن ابن الأعرابي أنه كسرها، فأبدل الواو ياء، فقال: الشينيز، وتفسير الحبة السوداء بالشونيز لشهرة الشونيز عندهم إذ ذاك، وأما الآن فالأمر بالعكس، والحبة السوداء أشهر عند أهل هذا العصر من الشونيز بكثير، والشونيز هو الكمون الأسود، ويقال له أيضاً: الكمون الهندي، ونقل عن الحسن البصري أنها الخردل، وقيل: هي الحبة الخضراء، وهي البطم، والعرب تسمي الأخضر أسود، والأسود أخضر، وقال الجوهري: هو صمغ شجرة تدعى الكمكام، تجلب من اليمن، ورائحتها طيبة، وتستعمل في البخور، قال الحافظ: وليس هذا مراداً هنا جزماً، وقال القرطبي تفسيرها بالشونيز أولى من وجهين: أحدهما أنه قول الأكثر، والثاني كثرة منافعها، بخلاف الخردل وغيره.

(التلبينة مجمة لفؤاد المريض) "التلبينة" بفتح التاء وسكون اللام وكسر الباء، وسكون الياء، بعدها نون ثم هاء، وقد يقال بدون هاء، قال الأصمعي: هي حساء يعمل من دقيق، أو نخالة، ويجعل فيه عسل، قال غيره: أو لبن، سميت تلبينة تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها، أو لمخالطة اللبن لها، وقيل: هي دقيق بحت، وقيل: بل فيه شحم، وقيل: حساء في قوام اللبن، يعمل من الدقيق النضيج المحمر، لا النيئ ولعل صناعتها تختلف باختلاف البلاد والعادات، و"مجمة" بفتح الميم والجيم وتشديد الميم الثانية، هذا هو المشهور، وروي بضم أوله وكسر ثانيه، وهما بمعنى، يقال: جم وأجم، والمعنى أنها تريح فؤاده، وتزيل عنه الهم، وتنشطه، والجام بتشديد الميم المستريح، والمصدر الجمام والإجمام، وحكى ابن بطال أنه روي "تخم فؤاد المريض" بالخاء، قال: والمخمة المكنسة.

(إن أخي استطلق بطنه) "بطنه" بالرفع فاعل "استطلق" بفتح التاء وسكون الطاء، أي انطلق بطنه، فكثر خروج ما فيه، يريد الإسهال، وضبطه الحافظ ابن حجر بضم التاء، وسكون الطاء وكسر اللام، مبني للمجهول، فبطنه نائب فاعل، أي جعل الله بطنه تنطلق، أو جعل المرض بطنه تنطلق بالإسهال، وفي ملحق الرواية "إن أخي عرب بطنه" بفتح العين وكسر الراء، أي فسد هضمه، لاعتلال المعدة، ومثله ذرب، بالذال بدل العين وزناً ومعنى.

(اسقه عسلاً) في رواية "اسقه العسل" والمراد عسل النحل، وهو مشهور عندهم، وظاهره الأمر بسقيه العسل صرفاً، ويحتمل أن يكون ممزوجاً بغيره.

(صدق الله وكذب بطن أخيك) قال النووي: والمراد قوله تعالى (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) [النحل: ٦٩] وهو العسل، وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>