للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضمير في قوله (فيه شفاء) يعود إلى الشراب الذي هو العسل، وهو الصحيح وهو قول ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم، وقال مجاهد: الضمير عائد إلى القرآن، وهذا ضعيف، مخالف لظاهر القرآن، ولصريح هذا الحديث الصحيح، قال بعض العلماء: الآية على الخصوص، أي شفاء من بعض الأدواء، ولبعض الناس، وكان داء هذا المبطون مما يشفى بالعسل، وليس في الآية تصريح بأنه شفاء من كل داء، ولكن علم النبي صلى الله عليه وسلم أن داء هذا الرجل مما يشفى بالعسل. والله أعلم.

-[فقه الحديث]-

يؤخذ من أحاديث الباب، من الرواية الأولى وما بعدها

١ - مشروعية التداوي، قال النووي: فيه استحباب الدواء، وهو مذهب أصحابنا وجمهور السلف وعامة الخلف، وفيه رد على من أنكر التداوي من غلاة الصوفية، وقال: كل شيء بقضاء وقدر، فلا حاجة إلى التداوي، قال: وحجة العلماء هذه الأحاديث، ويعتقدون أن الله تعالى هو الفاعل، وأن التداوي هو أيضاً من قدر الله، وهذا كالأمر بالدعاء، وكالأمر بقتال الكفار، وبالتحصن، ومجانبة الإلقاء باليد إلى التهلكة، مع أن الأجل لا يتغير، والمقادير لا تتأخر ولا تتقدم عن أوقاتها، ولا بد من وقوع المقدرات. اهـ

ويقول الحافظ ابن حجر: في قوله صلى الله عليه وسلم -في الرواية الأولى- "فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل" الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله، وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية، فلا ينجع، بل ربما أحدث داء آخر، وفيها كلها إثبات الأسباب، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله، لمن اعتقد أنها بإذن الله، وبتقديره، وأنها لا تنجع بذواتها، بل بما قدره الله تعالى فيها، وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك، فالمدار كله على تقدير الله وإرادته، والتداوي لا ينافي التوكل، كما لا ينافي دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب، وقد يقع لبعض المرضى أنه يتداوى من داء بدواء، فيبرأ، ثم يعتريه ذاك الداء بعينه، فيتداوى بذلك الدواء بعينه، فلا ينجع، والسبب في ذلك الجهل بصفة من صفات الدواء، فرب مرضين تشابها، ويكون أحدهما مركباً، لا ينجع فيه ما ينجع في الذي ليس مركباً، فيقع الخطأ من هنا، وقد يكون متحداً، لكن يريد الله أن لا ينجع فلا ينجع، من هنا قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئاً؟ قال: "هي من قدر الله تعالى".

٢ - ومن الرواية الثانية والثالثة استحباب عيادة المريض.

٣ - وسؤاله عن مرضه، واقتراح ما يراه من علاج، والتمسك بالتنفيذ إذا كان أهلاً لذلك.

٤ - وأن شكوى المريض من مرضه، وآلامه لا يعد اعتراضاً على القدر.

٥ - ورجوع الصحابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزامهم به، وإن شق عليهم أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>