للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - واستحباب التداوي بالحجامة، وتكون في أجزاء مختلفة من الجسم، تكون في الرأس، وفي وسطه، وعلى الكاهل والخدين وتحت الذقن، وعلى ظهر القدم، وأسفل الصدر، قال الحافظ ابن حجر: ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج، وصادف وقت الاحتياج إليه، وقد ترجم البخاري بباب الحجامة من الشقيقة والصداع، والشقيقة وجع في أحد جانبي الرأس أو في مقدمه.

٧ - واستحباب التداوي بشربة العسل، قال المازري: اعترض بعض الأطباء، فقال: الأطباء مجمعون على أن العسل مسهل، فكيف يوصف لمن به الإسهال؟ -يقصد روايتنا الرابعة والعشرين- قال المازري: هذا الذي قاله المعترض جهالة بينة، وهو فيها كما قال الله تعالى (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) [يونس: ٣٩].

وقال النووي: إن علم الطب من أكثر العلوم احتياجاً إلى التفصيل، حتى إن المريض يكون الشيء دواءه في ساعة، ثم يصير داء له في الساعة التي تليها بعارض يعرض، من غضب يحمي مزاجه، فيغير علاجه، أو هواء يتغير، أو غير ذلك مما لا تحصى كثرته، فإذا وجد الشفاء بشيء في حالة بالشخص لم يلزم منه الشفاء به في سائر الأحوال، وجميع الأشخاص والأطباء مجمعون على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والزمان والعادة والغداء والتدبير المألوف وقوة الطباع، ثم قال: فإذا عرفت ما ذكرناه فاعلم أن الإسهال يحصل من أنواع كثيرة، منها الإسهال الحادث من التخم، وقد أجمع الأطباء في مثل هذا على أن علاجه بأن يترك الطبيعة وفعلها، وإن احتاجت إلى معين على الإسهال أعينت، مادامت القوة باقية، فأما حبسها فضرر عندهم، فيحتمل أن يكون هذا الإسهال للشخص المذكور في الحديث أصابه من امتلاء، فدواؤه ترك إسهاله على ما هو، أو تقويته، فأمره صلى الله عليه وسلم بشرب العسل فرآه إسهالاً، فزاده عسلاً، إلى أن فنيت المادة، فوقف الإسهال. اهـ

وقد ذكر الموفق البغدادي وغيره كثيراً من منافع العسل، منها أنه يجلو الأوساخ التي في العروق والأمعاء، ويدفع الفضلات، ويسخن المعدة تسخيناً معتدلاً، ويفتح أفواه العروق، ويشد المعدة والكبد والكلى والمثانة، وتنقية الكبد والصدر، وإدرار البول والطمث، وينفع من السعال الكائن من البلغم، وإذا أضيف إليه الخل نفع أصحاب الصفراء، وإذا شرب وحده بماء نفع من عضة الكلب، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر، وكذلك الخيار والقرع والليمون ونحو ذلك، ويطول الشعر ويحسنه وينعمه، وإن استن به صقل الأسنان وحفظ صحتها، وهو عجيب في حفظ جثث الموتى، فلا يسرع إليها البلى، ولم يكن يعول قدماء الأطباء في الأدوية المركبة إلا عليه. والله أعلم.

٨ - استحباب التداوي بالكي في بعض الأمراض، كعلاج أخير، قال العلماء: وإنما نهي عنه، مع إثباته الشفاء فيه، إما لكونهم كانوا يرون أنه يحسم المادة بطبعه، فكرهه لذلك، وإما لأنهم كانوا يبادرون إليه قبل العلاج بالأدوية، ظناً منهم أنه يحسم الداء، فيتعجل الذي يكتوي التعذيب بالنار، لأمر مظنون، قالوا: ويؤخذ من الجمع بين كراهته صلى الله عليه وسلم للكي، وبين استعماله له، أنه لا يترك مطلقاً، بل يستعمل عند تعينه طريقاً إلى الشفاء، مع مصاحبة اعتقاد

<<  <  ج: ص:  >  >>