للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فحصر سالم سبب الرجوع في الحديث لأنه السبب الأقوى، وكأنه يقول: لولا وجود النص لأمكن إذا أصبح أن يتردد في ذلك، أو يرجع عن رأيه، فلما سمع الخبر استمر على عزمه الأول، ولولا الخبر لما استمر. اهـ ولسنا معه في هذا، لما عرفناه عن عمر ومضاء عزمه وقوة إرادته، وحجته على أبي عبيدة، التي لا تقبل التردد.

(إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه) قال النووي، هو بإسكان الصاد فيهما، أي مسافر راكب على ظهر الراحلة، راجع إلى وطني، فأصبحوا على ظهركم، وتأهبوا له. اهـ وفي رواية "إني ماض لما أرى، فانظروا ما آمركم به، فامضوا له، قال: فأصبح على ظهر".

(فقال أبو عبيدة بن الجراح) وهو إذ ذاك أمير الشام، وفي رواية "وقالت طائفة، منهم أبو عبيدة".

(أفرارا من قدر الله)؟ "فراراً" منصوب على المفعول له، أي أترجع يا عمر بمن معك فراراً؟ أو على المصدر، أي أتفرون فراراً؟ .

(لو غيرك قالها يا أبا عبيدة) "لو" شرطية، وجوابها محذوف، أي لعاقبته، أو لكان أولى منك بذلك الفهم، أو لم أتعجب منه ولكني أتعجب منك، مع علمك وفضلك، كيف تقول هذا؟ ويحتمل أن يكون الجواب: لأدبته، ويحتمل أن تكون "لو" هنا للتمني، فلا تحتاج إلى جواب، أي كنت أتمنى أن يقولها غيرك ممن لا فهم له، فأعذره.

(وكان عمر يكره خلافه) أي يكره أن يخالفه أو يناقشه في قراره أحد، فكره أن يناقشه أبو عبيدة، فلامه أو عنفه بهذا الأسلوب.

(نعم. نفر من قدر الله إلى قدر الله) أطلق عليه الفرار لشبهه به في الصورة، وإن كان ليس فراراً شرعياً، أراد أنه لم يفر من قدر الله حقيقة، وذلك لأن الأمر الذي فر منه، أمر خاف على نفسه منه، فلم يهجم عليه، والذي فر إليه، أمر لا يخاف على نفسه منه، إلا الأمر الذي لا بد من وقوعه، سواء كان مسافراً أو مقيماً، وفي رواية "إن تقدمنا فبقدر الله، وإن تأخرنا فبقدر الله".

(أرأيت لو كانت لك إبل، فهبطت وادياً له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله؟ وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ ) "العدوتان" بضم العين وكسرها مع سكون الدال، تثنية عدوة، وهي المكان المرتفع من الوادي، أو شاطئ الوادي وفي رواية للبخاري "إحداهما خصيبة" على وزن عظيمة، ورواية مسلم "خصبة" بسكون الصاد بغير ياء و"جدبة" بفتح الجيم وسكون الدال، ضد الخصبة، وقال صاحب التحرير، الجدبة هنا بسكون الدال وكسرها، قال: والخصبة كذلك، و"هبطت" بفتح الطاء، والضمير للإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>