للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يذلل له بعضا آخر، علمه كيف يتعامل معها، وكيف يتقي شرها، ويأخذ حذره منها، أو كيف يقضي عليها، ويتخلص منها، ليكون له في هذا الكفاح والشقاء أجر وثواب.

من هذه المخلوقات الشريرة المؤذية لبني آدم الأفاعي والحيات والثعابين والعقارب، وشر هذا النوع ما يعرف بالأبتر، وهو ثعبان قصير الذيل، يسحب بصر الإنسان إذا وقع بصره على بصره، وما يعرف بذي الطفيتين، أي صاحب الخطين الممتدين على ظهره، وهو ثعبان إذا نظرت إليه الحامل سقط حملها، حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل الأفاعي عامة، ووصى بقتل الأبتر وذات الطفيتين منها بصفة خاصة.

ومن هذه المخلوقات الضارة المؤذية الوزغ أو الأبرص، فأمر صلى الله عليه وسلم بقتله، وسماه فويسقا، وقال عنه إنه خارج عن طبيعة المخلوقات المسالمات إلى طبيعة الحشرات المؤذيات، واستنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم همم المسلمين لقتله، فوعد من قتله بضربة واحدة بالأجر الكبير، ودونه من قتله بضربتين، ودونه من قتله بثلاث ضربات أو ما بعدها.

أما النمل فبعضه يؤذي وبعضه لا يؤذي، فرخص الشارع قتل المؤذي في حدود دفع الأذى.

ثم أوصى الشارع بالحيوانات الأليفة خيرا، أوصى بالإحسان إليها، وإطعامها وسقيها، وعدم إيذائها، فقد حبست امرأة هرة، فلا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها بدون حبس، لتبحث لها عن حشرة تأكلها، وتجد لها ماء تشربه، لكنها حبستها، حتى ماتت جوعا، وعطشا، هذه المرأة أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنها ستعذب بالنار يوم القيامة.

وهذا رجل يمشي في صحراء، يشتد عليه العطش، حتى كاد يهلكه، أخذ يبحث عن ماء، فوجد بئرا، نزل فشرب، فلما خرج من البئر وجد كلبا يلهث، ويخرج لسانه جافا من شدة العطش يلعق بلسانه التراب، لعله يجد فيه رطوبة تخفف عنه جفاف اللسان والعطش، فقال الرجل: لقد بلغ العطش بهذا الكلب مثل ما بلغ بي، فنزل البئر ثانية، فلم يجد ما يرفع به الماء للكلب سوى خفه، فملأ واحدا من خفيه، وأمسكه بفمه، ليتمكن من الصعود من البئر بيديه، حتى خرج من البئر، فسقى الكلب حتى روي، فشكر الله لهذا الرجل إحسانه إلى الكلب، فغفر له ذنوبه.

وهذه امرأة بغي، زانية، ترى كلبا يلهث من العطش، فتأخذها الشفقة على الكلب فتخلع حذاءها، وتملؤه ماء، وتسقي به الكلب، فيشكر الله لها، فيغفر لها زناها.

وقع ذلك في الأمم السابقة، ويحكيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، مرغبا في الإحسان إلى الحيوان، فيقول الصحابة: إذن لنا أجر في سقينا دوابنا؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم إن في إروائكم لأي حيوان أجرا وثوابا.

-[المباحث العربية]-

(أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل ذي الطفيتين) أي صاحب الطفيتين، والطفيتان تثنية طفية، بضم الطاء وسكون الفاء وفتح الياء، وهي خوصة شجر المقل، بضم الميم وسكون القاف، وهو شجر

<<  <  ج: ص:  >  >>