(فنزعت له بموقها)"الموق" بضم الميم هو الخف، فارسي معرب، ومعنى "نزعت له بموقها" أي استقت له بخفها يقال: نزعت بالدلو، إذا استقيت به من البئر.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: قال المازري: لا تقتل حيات مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بإنذارها [كما جاء في الرواية الثانية عشرة "فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا" قيل: ثلاثة أيام، وقيل ثلاث مرات، "فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر" فإن أنذرها، ولم تنصرف قتلها.
قال: وأما حيات غير المدينة، في جميع الأرض والبيوت والدور، فيندب قتلها من غير إنذار، لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها، ففي الرواية الثانية "اقتلوا الحيات" وفي الرواية الثالثة "اقتلوا الحيات والكلاب" وفي الرواية العاشرة "إذ خرجت علينا حية، فقال: اقتلوها" ولم يذكر إنذارا، ولا نقل أنهم أنذروها، قال: فأخذ العلماء بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقا، وخصت المدينة بالإنذار الوارد فيها، وسببه صرح به في الحديث - روايتنا الثانية عشرة - أنه أسلم طائفة من الجن بها.
وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر، وأما ما ليس في البيوت فيقتل من غير إنذار، وقال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد.
قال القاضي: وقال بعض العلماء: الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهي عن جنان البيوت، إلا الأبتر وذا الطفيتين، فإنه يقتل على كل حال (فكأنه قال: اقتلوا الحيات إلا حيات البيوت، فلا تقتلوها، إلا بعد الإنذار، وإلا الأبتر وذا الطفيتين، فاقتلوهما، وإن كانا في البيوت بدون إنذار) وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار.
وأما صفة الإنذار فقال القاضي: روى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكم سليمان بن داود، ألا تؤذونا، ولا تظهرن لنا.
وقال مالك: يكفي أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا، ولا تؤذينا. اهـ.
والذي أميل إليه جواز قتل جميع الحيات في أي مكان بدون إنذار، لحديث البخاري "خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن" وفي رواية "كلهن فاسق، يقتلن في الحرم" وذكر منها العقرب في رواية و"الحية" في رواية أخرى، وإذا رفع الإثم في قتلها على المحرم، وفي الحرم رفع عن الحلال من باب أولى، ثم كيف نأمن الثعبان على أطفالنا مع الإنذار؟ أعتقد أن طلب الإنذار كان لنوعية خاصة، ومكان خاص وزمن خاص، لا يقاس عليه، وكذا ما ورد عن أبي لبابة وزيد بن الخطاب. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
١ - من قوله في الرواية الأولى والثانية "فإنه يلتمس البصر، ويصيب الحبل" أن هناك تأثيرا بدون ملامسة، كالأشعة غير المرئية، ويحمل على مثلها إصابة العين.