١٤ - قال عياض: في هذا الحديث جواز قتل كل مؤذ.
١٥ - قال القرطبي: ظاهر هذا الحديث أن هذا النبي إنما عاتبه الله حيث انتقم لنفسه، بإهلاك جمع، أذاه منه واحد، وكان الأولى به الصبر والصفح، وكأنه وقع له - أي ظن - أن هذا النوع مؤذ لبني آدم، وحرمة بني آدم أعظم من حرمة الحيوان، فلو انفرد هذا النظر - وهذا الظن - ولم ينضم إليه التشفي لم يعاتب، قال: والذي يؤيد هذا التمسك بأصل عصمة الأنبياء، وأنهم أعلم بالله وبأحكامه من غيرهم، وأشد له خشية. اهـ وعلى هذا يؤخذ من الحديث قتل ما عساه يؤذي الغير، ولو لم يقع منه إيذاء للغير، لا على العقوبة، ولكن للحماية.
١٦ - واستدل بقوله في الرواية الثانية والعشرين "أهلكت أمة من الأمم تسبح" أن الحيوان يسبح الله تعالى حقيقة، وتعقب بأن ذلك لا يمنع الحمل على المجاز، بأن يكون سببا للتسبيح.
١٧ - ومن الرواية الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين أن المسلم قد يعذب بأمور يراها صغيرة {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} [النور: ١٥] وقيل: إن المراد من "عذبت امرأة" في روايتنا الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين العذاب بالحساب، لأن من نوقش الحساب عذب، لكن يرد هذا القول رواية البخاري بلفظ "دخلت امرأة النار في هرة .. " قال النووي "الذي يظهر أن المرأة كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بهذه المعصية، وهذه المعصية ليست صغيرة، بل صارت بإصرارها كبيرة، وقال القاضي عياض: يحتمل أن تكون المرأة كافرة، فعذبت بالنار حقيقة. اهـ أي عذابا فوق عذاب الكفر، قال الحافظ ابن حجر: ويؤيد كونها كافرة، ما أخرجه البيهقي في البعث والنشور.
١٨ - وفي الحديث جواز اتخاذ الهرة، وربطها، إذا لم يهمل إطعامها وسقيها، ويلتحق بذلك غير الهرة مما في معناها. وتحريم قتل الهرة.
١٩ - وأن الهر لا يملك، وإنما يجب إطعامه على من حبسه، كذا قال القرطبي، واستبعد الحافظ ابن حجر دلالة الحديث على ذلك.
٢٠ - وفيه وجوب نفقة الحيوان على مالكه، كذا قال النووي، واستبعد الحافظ ابن حجر هذا المأخذ، وقال: ليس في الخبر أنها كانت في ملكها، لكن في قوله "هرة لها" كما هي في رواية ما يقرب من ذلك. اهـ والحق مع النووي، حيث إن نفقة المحبوس على حابسه واضحة في الحديث، فمن باب أولى المملوك.
٢١ - ومن الرواية السابعة والعشرين الحث على الإحسان إلى الناس، لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب، فسقي المسلم أعظم أجرا.
٢٢ - واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين، حيث لا يكون هناك مسلم، قال الحافظ ابن حجر: وكذا إذا دار الأمر بين البهيمة، والآدمي المحترم، واستويا في الحاجة، فالآدمي أحق.
٢٣ - وفيه جواز السفر منفردا، وبغير زاد، ومحل ذلك في شرعنا ما إذا لم يخف على نفسه الهلاك.
٢٤ - استدل بقوله "في كل كبد رطبة أجر" على عموم الإحسان للحيوان، قال النووي: إن عمومه