بالعدل، ويقضي بينكم بكتاب الله وسنتي، ويبطل الديانات الباطلة، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وتجمع له الصلاة، ويكثر المال، ويعطيه الناس حتى لا يقبله أحد، وينشغل الناس بآخرتهم، فتختفي بينهم العداوة والبغضاء والشحناء والتحاسد، وتقع الأمنة في الأرض.
ليوشكن أن ينزل فيكم المسيح ابن مريم كعلامة من علامات الساعة الكبرى، ينزل فيكم بينما رجل صالح منكم قد تقدم ليصلي بكم، فيرجع الإمام، فينكص ليتقدم عيسى، فيقف عيسى بين كتفيه، ثم يقول: تقدم فإنها لك أقيمت.
يقول الناس: تقدم يا روح الله، فيقول: إن الله كرمكم وجعل أمراءكم منكم، فليتقدم إمامكم فليصل بكم.
ألا فليشمر العاقل وليضع بين عينيه مآله ومصيره، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
-[المباحث العربية]-
(ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم) ليوشكن بضم الياء، وكسر الشين معناه ليقربن. قال الحافظ ابن حجر: أي لا بد من ذلك سريعا، ولعله أخذ ذلك من القسم والتأكيد، أما السرعة فمن فعل المقاربة وقوله: فيكم أي في هذه الأمة، فإنه خطاب لبعض الأمة، ممن لا يدرك نزوله.
(مقسطا) أي عادلا، يقال أقسط يقسط إقساطا فهو مقسط إذا عدل، والقسط بكسر القاف العدل.
وقسط يقسط قسطا بفتح القاف، فهو قاسط إذا جار.
(فيكسر الصليب) أي يبطل دين النصرانية، بأن يكسر الصليب حقيقة كشعار لمعظم للنصارى.
(ويقتل الخنزير) من قبيل إبطال دين النصرانية.
(ويضع الجزية) أي يقررها ويضربها على جميع الكفار، فإنه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها، وينقاد جميع الناس له إما بالإسلام وإما بإلقاء اليد، فيضع عليه الجزية ويضربها. هذا كلام القاضي عياض، وقيل: معناه يوقف الجزية إذ يصير الدين واحدا، فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية. وقيل معناه يترك الجزية مع وجود أهل الذمة، استغناء عنها لكثرة المال، وعدم وجود من يمكن صرفها له، وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في فقه الحديث.
(ويفيض المال) أي يكثر بنزول البركات والعدل وقلة الرغبة فيه.