للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥ - وعلى من يعبر الرؤيا أن يحسن الظن، وأن يتجه بتأويله إلى خير الاحتمالات، وأن يكون خبيرا ذكيا لبيبا، فهي - غالبا - تعتمد على الإشارات.

وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤى، وفسرها، وقصها على أصحابه، ورأى أصحابه رؤى وفسرها لهم، وفسرها بعضهم لبعض، وشجعهم وحثهم على تعبير الرؤيا، فإنها من الله تعالى، وإنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

-[المباحث العربية]-

(كنت أرى الرؤيا) "الرؤيا" ما يراه الشخص في منامه، وهي على وزن فعلى، وقد تسهل الهمزة، وقال الواحدي: هي في الأصل مصدر، كاليسرى، فلما جعلت اسما لما يتخيله النائم، أجريت مجرى الأسماء، قال الراغب: والرؤية، بالهاء، إدراك المرء بحاسة البصر، وتطلق على ما يدرك بالتخيل، نحو: أرى أن زيدا مسافر، وعلى التفكر النظري، نحو {إني أرى ما لا ترون} [الأنفال: ٤٨] وعلى الرأي، وهو اعتقاد أحد النقيضين حسب غلبة الظن. اهـ. وقال القرطبي في المفهم: قال بعض العلماء: قد تجيء الرؤية بمعنى الرؤيا، كقوله تعالى {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} [الإسراء: ٦٠] فزعم أن المراد بها ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة الإسراء من العجائب، وكان الإسراء جميعه في اليقظة. قال الحافظ ابن حجر: وعكسه بعضهم، فزعم أنه حجة لمن قال: إن الإسراء كان مناما، والأول المعتمد، قال ابن عباس: إنها رؤيا عين، قال الحافظ: ويحتمل أن تكون الحكمة في تسمية ذلك رؤيا كون أمور الغيب مخالفة لرؤيا الشهادة، فأشبهت ما في المنام. اهـ.

وسيأتي الكلام عن حقيقة الرؤيا في فقه الحديث، وفي ملحق الرواية الثانية "فإن كنت لأرى الرؤيا" فإن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، أي فإن القصة كنت لأرى الرؤيا.

(أعرى منها) بضم الهمزة، وسكون العين وفتح الراء، أي أحم، لخوفي من ظاهرها في ظني، يقال: عري بضم العين وكسر الراء مخففا، يعرى بضم الياء وفتح الراء، إذا أصابه عراء، بضم العين وبالمد، وهو نفض الحمى، وفي الرواية الرابعة "قال أبو سلمة لأبي قتادة: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني؟ فقال له أبو قتادة: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني" بزيادة اللام في "لأرى" والأولى بدون اللام.

(غير أني لا أزمل) بضم الهمزة وفتح الزاي وتشديد الميم المفتوحة، أي لا أغطى ولا ألف، كما يفعل بالمحموم، وفي الرواية الثانية "إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل" وعند عبد الرزاق "كنت أرى الرؤيا ألقى فيها شدة".

(حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) في الرواية الثانية "سمعت أبا قتادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .. "

(الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان) في الرواية الثالثة "الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان" بفتح السين وسكون الواو، أي القبيحة، والحلم بضم الحاء

<<  <  ج: ص:  >  >>