للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٧٧ - عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال: "هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا".

-[المعنى العام]-

{الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} [الزمر: ٤٢] والنفس سر من أسرار الله تعالى {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} [الإسراء: ٨٥] وتوفيها كليا أو جزئيا سر من أسراره تعالى، فلا تعلم نفس أين تذهب الروح أثناء النوم؟ ولا تعلم مدى اتصالها بجسد النائم، ولا تعلم ما يجري منها، وما يجري لها في موتتها الصغرى، التي تتكرر كل يوم.

ومما هو معلوم أن الوحي الإلهي للأنبياء، منه الإلهام، ومنه المنام، فحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس قبل أن تستوفي رزقها وأجلها" مثل للإلهام، ومثله الإيحاء إلى أم موسى أن أرضعيه، ورؤيا إبراهيم عليه السلام، أنه يذبح ولده، ورؤيا يوسف عليه السلام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له، ورؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول المسلمين المسجد الحرام آمنين، أمثلة للمنام.

فالرؤيا الصادقة، يراها المؤمن أو ترى له، إنما تكون إفاضة وكرما من الله تعالى، ليستبشر، أو ليأخذ حذره، فهي مبشرات ومنذرات، وهي جزء من النبوة، ولمحة من لمحاتها، حتى وإن رآها كافر، فهي نعمة، والمنعم ينعم على الكافر، لعله يعتبر ويؤمن، كما ينعم على المؤمن ليزداد إيمانا وشكرا.

وقد حكى لنا القرآن الكريم رؤيا فرعون مصر سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر، وأخر يابسات، وكيف تحقق تأويل يوسف عليه السلام لها؟ كما حكى رؤيا صاحبي السجن، وكيف تحققت؟ حقائق لا يسهل إنكارها، لكنها نوع مما يراه النائم، لا يحكم به على كل رؤيا يراها، بل قد يرى في منامه تحقيق رغبات مكبوتة عنده أثناء يقظته، وقد يرى خليطا من مشكلات تشغله في حياته، وقد يرى ما يوسوس به الشيطان له من أحزان ومخاوف، ومن هنا كانت النصائح النبوية:

١ - إذا حلم أحدكم حلما يكرهه، فلينفت عن يساره، وليتحول عن جنبه، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شرها، وأن يكتمها، ولا يحدث بها إلا حبيبا لبيبا، فإنها لا تضره.

٢ - وإذا رأى ما يحب فليستبشر، ويحكيها لحبيب لبيب، ليعبرها له.

٣ - وإذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فرؤياه خير وصادقة، فإن الشيطان لا يتمثل به.

٤ - وعلى المؤمن أن يحرص على الصدق في معاملاته، لتصدق رؤياه، فأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا.

<<  <  ج: ص:  >  >>