للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن مجموعهم محفوظ من الإغضاء على الباطل، وعلى تقدير أن يوجد من بعضهم إنكار، أو طعن على بعض من روى شيئا من ذلك فإنما هو من جهة توقف في صدق الراوي، أو تهمته بكذب، أو توقف في ضبطه، ونسبته إلى سوء الحفظ أو جواز الغلط، ولا يوجد من أحد منهم طعن في المروي.

وذكر النووي في مقدمة شرح مسلم أن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تزيد على ألف ومائتين، وقال البيهقي في المدخل: بلغت ألفا، وقال الزاهري من الحنفية: ظهر على يديه ألف معجزة، وقيل: ثلاثة آلاف، وقد اعتنى بجمع ما وقع من ذلك قبل البعثة، بل قبل المولد الحاكم في الإكليل، والنيسابوري في شرف المصطفى، وأبو نعيم، والبيهقي في دلائل النبوة، وغيرهم

قال القرطبي: ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم معجزة لم يسمع بمثلها من غير نبينا صلى الله عليه وسلم، حيث نبع الماء من بين عظمه ولحمه وعصبه ودمه.

وقد نقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر، حيث ضربه موسى بالعصا، فتفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لأن خروج الماء من الحجارة معهود، بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم.

وبالإضافة إلى روايتنا في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ذكر البخاري روايات أخرى فعن أنس رضي الله عنه قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه، ومعه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة، فلم يجدوا ماء يتوضئون، فانطلق رجل من القوم، فجاء بقدح من ماء يسير، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فتوضأ، ثم مد أصابعه الأربع - أي ما عدا الإبهام - على القدح، ثم قال: قوموا فتوضئوا، فتوضأ القوم، حتى بلغوا ما يريدون من الوضوء، وكانوا سبعين أو نحوه".

وعن أنس رضي الله عنه قال: "حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار من المسجد يتوضأ، وبقي قوم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة، فيه ماء، فوضع كفه، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فضم أصابعه، فوضعها في المخضب، فتوضأ القوم كلهم أجمعون".

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفا، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقل الماء فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناء، فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء ثم قال: حي على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل".

قال القرطبي: قضية نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن، في مشاهد عظيمة، ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي، المستفاد من التواتر المعنوي.

قال الحافظ ابن حجر: وحديث نبع الماء من بين أصابعه جاء من رواية أنس عند الشيخين وأحمد وغيرهم من خمسة طرق، وعن ابن مسعود عند البخاري والترمذي، وعن ابن عباس عند أحمد والطبراني، وعن ابن أبي ليلى عند الطبراني وفي ذلك رد على ابن بطال، حيث قال هذا الحديث شهده جماعة كثيرة من الصحابة، إلا أنه لم يرو إلا من طريق أنس ثم قال الحافظ ابن حجر: وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>