للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الخطابي: أنكر أصحاب الرأي الخرص، وقال بعضهم: إنما كان يفعل تخوينا للمزارعين، لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم، لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قبل تحريم الربا والقمار، وتعقبه الخطابي بأن تحريم الربا، والميسر متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أبو بكر وعمر ومن بعدهم ولم ينقل عن أحد منهم ولا من التابعين تركه، إلا عن الشعبي، قال: وأما قولهم: إنه تخمين وغرور، فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر، وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير.

وحكى أبو عبيد عن قوم منهم أن الخرص كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يوفق من الصواب ما لا يوفق له غيره، وتعقبه بأنه لا يلزم من كون غيره لا يسدد لما كان يسدد له سواء، أن تثبت بذلك الخصوصية، ولو كان المرء لا يجب عليه الإتباع إلا فيما يعلم أنه يسدد فيه، كتسديد الأنبياء لسقط الإتباع وترد هذه الحجة أيضا بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم الخراص في زمانه.

واعتل الطحاوي بأنه يجوز أن يحصل للثمرة آفة، فتتلفها، فيكون ما يؤخذ من صاحبها مأخوذا بدلا مما لم يسلم له، وأجيب بأن القائلين به لا يضمنون أرباب الأموال ما تلف بعد الخرص، قال ابن المنذر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان. وذكر الحافظ ابن حجر تعريفات الفقهاء في مسألة الخرص لا يتسع لها المقام، فمن أرادها فليرجع إليها.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>