(فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح الكاف، و"رسول الله" فاعل، وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يكون في مؤخرة الجيش العائد، تواضعا، وحراسة، وكانت القصة في العودة من الغزوة، ففي رواية البخاري "أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة .... " الحديث، وكذا في الملحق الأول لروايتنا.
(في واد كثير العضاه) بكسر العين وفتح الضاد، آخره هاء، وهي كل شجرة ذات شوك، وقيل هو العظيم من السمر مطلقا، والسمرة الشجرة الكثيرة الورق.
(فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة) زاد في رواية "فاستظل بها" أي من حر الشمس في القائلة، وفي رواية "فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم".
(فعلق سيفه بغصن من أغصانها) وفرش فراشه، ونام تحتها، من التعب.
(وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر) المراد من الناس الجيش.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت، وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده) "صلتا" بفتح الصاد وضمها وسكون اللام، أي مجردا من غمده، أي مسلولا، وهو منصوب على الحال، و"السيف" مبتدأ، و"في يده" خبر، وفي رواية للبخاري "فجاء رجل من المشركين، وسيف النبي صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فاخترطه" أي استله من غمده، وفي رواية "فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس" وفي رواية "فإذا أعرابي قاعد بين يديه" وفي رواية "قال جابر: فنمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه" فهذا القدر من الرواية لم يحضره الصحابة، وإنما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن دعاهم واستيقظوا.
وهذا الرجل اسمه غورث على وزن جعفر، وقيل: بضم الغين، من الغرث، وهو الجوع، ووقع عند الخطيب "غورك" بالكاف بدل الثاء، وحكى الخطابي غويرث بالتصغير، وهو غورث بن الحارث، قال القاضي: وقد جاء حديث آخر مثل هذا الخبر، وسمي الرجل فيه "دعثورا".
(فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت الله) في رواية "فقال: تخافني؟ قال: لا" وفي رواية كرر "من يمنعك مني" ثلاث مرات، وهو استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا يمنعك مني أحد، لأن الأعرابي كان قائما، والسيف في يده، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، لا سيف معه، ولفظ "الله" خبر لمبتدأ محذوف أي مانعي منك الله.
(فشام السيف) أي أعاده في غمده، وألقاه، وهذه الكلمة تستعمل في الأضداد، يقال: شامه إذا استله، وشامه إذا أغمده، وعند ابن إسحاق "فدفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من يمنعك أنت مني؟ قال: لا أحد، قال: قم، فاذهب لشأنك، فلما ولى قال: أنت خير مني".
(فها هو ذا جالس. ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية البخاري "لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيجمع بين هذا، وبين رواية ابن إسحاق السابقة، بأن قوله "فاذهب" كان بعد أن أخبر الصحابة بقصته، فمن عليه، لشدة رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في استئلاف الكفار، ليدخلوا في الإسلام، وقد ذكر