للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفرد على كل حال، تقول: هلم يا رجلان وهلم يا رجال وقد تلحقها علامات التثنية والجمع، والمعنى هنا تعالوا عن النار، أي تعالوا إلي، وابتعدوا عن النار.

ومقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة، وحرصهم على الوقوع في ذلك، مع منعه إياهم، وقبضه على مواضع المنع منهم، بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه، وكلاهما حريص على هلاك نفسه، ساع في ذلك لجهله.

(مثلي ومثل الأنبياء) في الرواية السادسة والسابعة "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي".

(كمثل رجل بنى بنيانا، فأحسنه وأجمله) قيل: المشبه به واحد والمشبه جماعة، فكيف صح التشبيه؟ وأجيب بأنه جعل الأنبياء كرجل واحد، لأنه لا يتم ما أراد من التشبيه إلا باعتبار الكل، وكذلك الدار، لا تتم إلا باجتماع البنيان- أي فهو من تشبيه مفرد بمفرد، وقيل: هو من تشبيه التمثيل، بأن نجعل أوصاف المشبه به في حكم مفردات، يشبه بها أجزاء وأوصاف المشبه. فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس، ببيت أسست قواعده، ورفع بنيانه، وبقي منه موضع، به يتم صلاح ذلك البيت، وفي الرواية السادسة "كمثل رجل ابتنى بيوتا، فأحسنها وأجملها وأكملها".

(فجعل الناس يطيفون به، يقولون: ما رأينا بنيانا أحسن من هذا. إلا هذه اللبنة، فكنت أنا اللبنة) يقال: طاف حوله، وبه، وعليه، وفيه، يطوف، طوفا، بفتح الطاء وسكون الواو، وطوفانا، بفتح الواو، دار وحام، وأطاف به، وعليه، طاف، فيطيفون من أطاف، وفي الرواية السادسة والسابعة "يطوفون" من طاف. وفي الرواية السادسة "فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان، فيقولون: ألا وضعت ها هنا لبنة؟ فيتم بنيانك؟ " "فألا" بتشديد اللام للتحضيض، و"وضعت" بفتح الواو، والضاد وسكون العين وتاء المخاطب.

وفي الرواية السابعة "ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة"؟ فهلا بتشديد اللام للتحضيض أيضا والتاء للمخاطب، واللبنة بفتح اللام وكسر الباء، بعدها نون، وبكسر اللام، وسكون الباء، هي القطعة من الطين، تعد للبناء، ويقال لها ذلك ما لم تحرق، فإذا أحرقت فهي آجرة، وفي الرواية الثامنة، كما في البخاري "لولا موضع اللبنة" قال الحافظ ابن حجر: "موضع" بالرفع على أنه مبتدأ، وخبره محذوف، أي لولا موضع اللبنة، يوهم النقص لكان بناء الدار كاملا، ويحتمل أن تكون "لولا" تحضيضية، وفعلها محذوف، تقديره لولا أكمل موضع اللبنة؟ .

وزعم ابن العربي أن اللبنة المشار إليها كانت في رأس الدار المذكورة، وأنها لولا وضعها لانقضت تلك الدار. قال: وبهذا يتم المراد من التشبيه المذكور، قال الحافظ ابن حجر: وهذا إن كان منقولا فهو حسن، وإلا فليس بلازم (ففي روايتنا السادسة والسابعة "إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها") نعم ظاهر السياق أن تكون اللبنة في مكان يظهر عدم الكمال في الدار بفقدها.

(فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها) الفرط بفتح الفاء والراء، والفارط، هو الذي يتقدم الوارد، ليصلح له الحياض، والدلاء ونحوها من أمور الاستسقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>