(ودابة الأرض) أضيفت إلى الأرض مع أن الأصل في الدابة ما تدب على الأرض، للإشارة إلى أن خلقها ليس بطريق التوالد كبقية الدواب المعروفة.
(والشمس تجري لمستقر لها)"مستقر" اسم مكان، واللام بمعنى "إلى" والجري المر السريع، أي تمر مرا سريعا إلى حد معين من فلكها شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، من حيث إن في كل انتهاء إلى محل معين. وإن للمسافر قرارا، والشمس لا قرار لها.
وقيل "مستقر" اسم زمان، والمعنى: تجري إلى وقت معين، ينتهي عنده سيرها، وهو عند انقضاء الدنيا.
-[فقه الحديث]-
يمكن حصر فقه الحديث في النقاط التالية:
١ - الشمس وجريها وسجودها واستئذانها وطلوعها من مغربها.
٢ - الدجال وما قيل فيه.
٣ - دابة الأرض وما قيل فيها.
٤ - منزلة هذه الآيات بين علامات الساعة.
٥ - عدم نفع الإيمان وتفسير الآية.
أما عن النقطة الأولى: فقد أصبح من المعلوم أن الشمس تدور حول نفسها في فلك خاص محدود، وأن الأرض تدور حول نفسها أمام الشمس من الغرب إلى الشرق، فيبدو للعين أن الشمس تجري من المشرق إلى المغرب، فإذا ما قلنا: طلعت الشمس على قوم فحقيقته طلع القوم على الشمس فظهرت لهم، وإذا قلنا: غابت الشمس عندنا فحقيقته غبنا عن الشمس، بدوران الأرض واختفاء الجزء الذي تقع عليه منها وراء الجزء الذي بدأ أمامها. فالتعبير بطلوع الشمس وغروبها في الحديث إنما هو حسب ما يبدو للعين، لا بحسب الحقيقة، أو المراد من الطلوع الظهور، وخوطب القوم على قدر ما تفهم عقولهم.
وطلوع الشمس من المغرب في آخر الزمان كعلامة من علامات تبدل الأحوال، معناه: أن الله يغير حركة دوران الأرض، ويعكس اتجاهها حتى تصير دورتها من الشرق إلى الغرب، فتبدو الشمس طالعة من الغرب متجهة نحو الشرق، والله قادر على تسكين المتحرك، وتحريك الساكن، وتبديل الحركات، وذلك تقدير العزيز الحكيم.
أما انتهاؤها لمستقرها تحت العرش فهي في كل لحظة منتهية إلى مكان يصلح استقرارا، وهي في جميع حركاتها تحت العرش بمعنى احتوائه عليها وكونها في جوفه كسائر الأفلاك، التي فوق فلكها، والتي تحت فلكها.