٣ - واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان، لأن رمضان موسم الخيرات، ونعم الله على عباده زائدة فيه، وفيه تضاعف الحسنات.
٤ - وأن قراءة القرآن أفضل من سائر الأذكار، إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا، لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام، فاجتمع بذلك أفضلية النازل، وأفضلية المنزول عليه، والمنزول به، والوقت.
٥ - قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كان في شهر رمضان، لأن نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان، كما ثبت من حديث ابن عباس، فكان جبريل يتعاهده في كل سنة، فيعارضه بما نزل عليه، من رمضان إلى رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه به مرتين، كما ثبت في الصحيح.
٦ - وفيه أن القرآن يطلق على بعضه، وعلى معظمه، كما يطلق على كلمه، لأن أول رمضان من البعثة لم يكن نزل من القرآن إلا بعضه، ثم كذلك كل رمضان بعده إلى رمضان الأخير، فكان قد نزل كله، إلا ما تأخر نزوله بعد رمضان المذكور، وكان في سنة عشر، إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ومما نزل في تلك المدة قوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم}[المائدة: ٣] فإنها نزلت يوم عرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم في عرفة، بالاتفاق، وكأن الذي نزل في تلك الأيام لما كان قليلا بالنسبة لما تقدم اغتفر أمر معارضته، قال الحافظ ابن حجر: فيستفاد من هذا أن القرآن يطلق على البعض مجازا، ومن ثم لا يحنث من حلف: ليقرأن القرآن، فقرأ بعضه، إلا إن قصد الجميع، قال: ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاء، فيقرأ كل ليلة جزءا في جزء من الليلة، ثم يشتغل في ليلة بسوى ذلك من تهجد بالصلاة ومن راحة بدن، ومن تعاهد أهل، ولعله كان يعيد الجزء مرارا، وبتعدد الحروف المأذون في قراءتها، لتستوعب بركة القرآن جميع الشهر، ولولا التصريح بأنه كان يعرضه مرة واحدة، وفي السنة الأخيرة عرضه مرتين، لجاز أنه كان يعرض جميع ما نزل عليه كل ليلة، ثم يعيده في بقية الليالي، وفي هذه المعارضة يحكم الله ما يشاء، وينسخ ما يشاء.
٧ - وفيه أن مداومة تلاوة القرآن توجب زيادة الخير.
٨ - وفيه المذاكرة مع الفاضل في القرآن والعلم، وإن كان الفاضل لا يخفى عليه ما يذاكره للعبادة، وزيادة الاتعاظ.
٩ - وفيه أن فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة فيه.
١٠ - وأن ليل رمضان أفضل من نهاره.
١١ - وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم، لأن الليل مظنة ذلك، لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية.