يقول صلى الله عليه وسلم "خير ما أعطي الناس خلق حسن" ويقول "إن أفضل شيء في الميزان الخلق الحسن" ويقول "إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء" ويقول "إن خياركم أحسنكم خلقا" ويقول "إن أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" ويقول "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
وكان صلى الله عليه وسلم على قمة مكارم الأخلاق حتى قال عنه ربه عز وجل {وإنك لعلى خلق عظيم}[القلم: ٤] وأبرز المواطن التي تظهر فيها الأخلاق المحمودة والمذمومة مواطن التعامل مع الخلق وأبرز هذه المواطن معاملة السيد للخادم.
ومن هنا ساق العلماء - دليلا على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم - أحاديث معاملته صلى الله عليه وسلم لخادمه أنس، فقد هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولا خادم له، وأسلمت أم سليم أم أنس وهو ابن عشر سنين ومن حبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبة منها في توثيق العلاقة والصلة به قدمت ابنها هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خادما فكان نعم الخادم عند خير مخدوم خدم عشر سنين فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده الكريمة امرأة ولا خادما قط بل كان عف اللسان ليس فاحشا ولا متفحشا ولا سبابا ولا لعانا حتى عند الغضب وعند وقوع ما يستحق اللوم والعقاب وعند رؤيته ما يكره لدرجة أنه ما عاب طعاما قط بل كان إذا اشتهاه أكله وإن عافه تركه وما أنب خادمه يوما وما زجره أو عنفه بل ما قال له يوما عن شيء فعله وهو غير مرضي: لم فعلت كذا؟ وما قال له يوما عن شيء لم يفعله وهو مطلوب: لم لم تفعل كذا؟ بل كان يبتسم ويوجه ويألف ويؤلف ويحلم ويتواضع ويعفو ويحسن صلى الله عليه وسلم.
-[المباحث العربية]-
(خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين) في الرواية الثالثة وملحق الرابعة "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين" ولا تعارض لأن ابتداء خدمته له صلى الله عليه وسلم كان بعد قدومه المدينة وبعد تزويج أم سليم بأبي طلحة أي بعد قدومه صلى الله عليه وسلم ببضعة أشهر فرواية العشر جبرت الكسر ورواية "التسع" ألغت الكسر، والحقيقة تسع سنين وبضعة أشهر.
وفي الرواية الثانية "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أنسا غلام كيس" - بفتح الكاف وتشديد الياء المكسورة أو المخففة الساكنة بعدها سين أي عاقل فطن متوقد الذكاء ضد الأحمق - "فليخدمك، قال: فخدمته في السفر والحضر" وأشار بالسفر إلى ما حصل من أنه خرج معه صلى الله عليه وسلم إلى خيبر يخدمه، ففي البخاري "أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبي طلحة - لما أراد الخروج إلى خيبر - من يخدمه فأحضر له أنسا" أي طلب من أبي طلحة من يكون أسن من أنس وأقوى على الخدمة في السفر وكان أنس إذ ذاك ابن ست عشرة سنة فعرف أبو طلحة من أنس القوة على ذلك فأحضره له فخرج معه فلهذا