الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه من لا يرحم لا يرحم.
٥٢٥٤ - عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل.
-[المعنى العام]-
أنجب صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها سبعة، ثلاثة ذكور، وأربع إناث، أما الذكور فهم القاسم، وبه كان يكنى، والطاهر والطيب، وقيل: إن الطاهر هو الطيب، وأما الإناث فهن فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم، وقد مات الذكور صغارا بمكة في عهد أمهم، ومات الإناث كلهن قبله، إلا فاطمة، التي عاشت بعده ستة أشهر، ولما أهديت إليه مارية القبطية أسكنها عوالي المدينة وضواحيها بعيدة عن نسائه، ولم يقسم لها، بل كان يأتيها بدون قسم، فهي مملوكة، وشاء الله أن لا تلد له امرأة من التسع، مع أن بعضهن كانت ولودا عند غيره، وشاء الله أن تلد الأمة ولدا، قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعامين، وكأي بشر كبير السن، ليس له ولد حي، فرح بالولد الجديد، فرحا كفرح زكريا بيحيى، أو كفرح إبراهيم بإسماعيل، وفي أول ليلة بشر به سماه إبراهيم، واختار له مرضعة بجوار سكن أمه، وكانت المرضعة زوجة حداد، يملأ بيته دائما بالدخان، ونفخ الكير، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور ابنه هذا بين الحين والحين، فيأخذه، فيشمه ويضمه ويقبله، ثم يسلمه لمرضعته، ويعود إلى المدينة، وكثيرا ما كان يأخذ معه أنس بن مالك خادمه، أو بعض الصحابة كعبد الرحمن بن عوف.
وشاء القدر أن لا تطول فرحة الأب بابنه، فقد مرض الطفل وعمره ثمانية عشر شهرا، وشق على الوالد مرض ولده، فذهب إليه وهو يحتضر، فأخذه وضمه وشمه وقبله، ونفسه في حشرجة الموت، يعلو في صدره وينخفض، إن قلب الأب يتقطع، فهو بشر، ولا يملك لفلذة كبده شيئا، وهو أرحم الناس بالناس، فكيف بابنه الوليد، لقد سقطت دمعتان من عينيه أمام أصحابه، وكان عبد الرحمن بن عوف قد سمعه ينهى عن البكاء عند الميت، فقال له: رسول الله. ما هذا الذي أرى؟ أنت تبكي؟ وكنت تنهى عن البكاء؟ فأتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم الدمعتين بدمعتين أخريين، وقال: إنما هذه رحمة، وشفقة، لا سخط ولا اعتراض على قدر، لكنه حزن الإنسان، الذي لا يملك دفعه أو كتمانه، وحزني على موت