إبراهيم شديد، وعاش صلى الله عليه وسلم بعده ثلاثة أشهر، وكان صلى الله عليه وسلم عطوفا رحيما بالأطفال، لدرجة تلفت النظر، في البيئة العربية، يصحب معه في المسجد أمامة بنت أبي العاص، ابنة ابنته زينب، تقام الصلاة، فيحملها ويقف، ويقرأ فإذا ركع وضعها على أرض المسجد، يخشى عليها أن تقع منه عند الركوع، ويسجد بجوارها، فإذا قام للركعة الثانية حملها، وهكذا حتى يكمل صلاته، وابنة ابنته على كتفه وصدره، وأمام الوفود، وأكابر القوم يقبل الحسن والحسين، ابني فاطمة، فيعجب الكبراء ويقولون: أهكذا تقبلون أطفالكم؟ فيقول: نعم, فيقول أحدهم: إن لي عشرة من الأبناء، ما قبلت واحدا منهم، فيقول صلى الله عليه وسلم: وماذا أفعل؟ وما ذنبي، إذا كان الله قد نزع من قلوبكم الرحمة؟ أما نحن فقد غرس الله الرحمة في قلوبنا. صلى الله عليه وسلم.
-[المباحث العربية]-
(ولد لي الليلة غلام، فسميته باسم أبي إبراهيم) وكان إبراهيم من مارية القبطية، قال الحافظ ابن حجر: على أنه ولد في ذي الحجة، سنة ثمان.
(ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين، يقال له: أبو سيف) في الكلام مجاز المشارفة أي أراد أن يدفعه إلى مرضعة، تسمى أم سيف، وزوجها يقال له: أبو سيف، وكان حدادا، ينفخ للحديد في كير، والقين بفتح القاف، وسكون الياء بعدها نون، هو الحداد، ويطلق على كل صانع، ولكن المراد هنا الحداد، وأم سيف اسمها أم بردة خولة بنت المنذر، من بني عدي بن النجار، وعند ابن سعد في الطبقات "لما ولد إبراهيم للنبي صلى الله عليه وسلم تنفاست فيه نساء الأنصار، أيتهن ترضعه؟ فدفعه صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة".
(فانطلق يأتيه، واتبعته) الظاهر أن جارية حملته، وسارت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهما أنس بن مالك.
(فانتهيا إلى أبي سيف) أي قربنا من بيت أبي سيف.
(وهو ينفخ بكيره، قد امتلأ البيت دخانا) هكذا رأوه قبل أن يدخلوا.
(فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأوقف أبا سيف عن العمل، ليخف الدخان، حتى يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فقلت: يا أبا سيف، أمسك) عن نفخ الكير، وإثارة الدخان.
(فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي) من حاملته.
(فضمه إليه) أي سلمه لأبي سفيان، لترضعه أم سيف، وليبقى في بيتها مدة إرضاعه.
وفي الرواية الثانية "كان إبراهيم مسترضعا له في عوالي المدينة" وهي قرى على مشارف المدينة، وكانت مارية تسكنها "فكان ينطلق" صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى هذه العوالي بين الحين والحين، ليرى ابنه "ونحن معه، فيدخل البيت، وإنه ليدخن، وكان ظئره قينا" أي وكان زوج