للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

قال الشيخ ابن الصلاح: الظاهر أنه في قوله "حرمت الحرام" أراد به أمرين: أن يعتقده حراما، وأن لا يفعله، فإن دخول الجنة مرتبط بالأمرين لا بأحدهما، بخلاف قوله "وأحللت الحلال" فإنه يكفي فيه مجرد اعتقاده حلالا. اهـ.

وقال الأبي والسنوسي: قوله "ولم أزد" يحتمل أن يكون قد اكتفى منه بذلك لقرب عهده بالإسلام حتى يأنس، ويحرص على الخير، وتسهل عليه الفرائض، ويحتمل أنه قال ذلك، لأنه لم يتفرغ للنوافل لشغله بالجهاد أو غيره من أعمال البر. اهـ.

لكن المحقق في الحديث يرى أن السؤال لا يتطلب النوافل في جوابه، لأنه يسأل عن دخول الجنة بهذه الأعمال، ولا شك أن دخول الجنة مرتبط بتحريم الحرام وإحلال الحلال.

أما السنن فشأنها زيادة الأجر ورفع الدرجات، وعليه فالجواب حكيم.

أما ما قاله الأبي والسنوسي فإنه يصح أن يقال بالنسبة لقوله في الرواية الثانية "والله لا أزيد على ذلك شيئا" فيقال: كيف أقره صلى الله عليه وسلم على عدم الزيادة؟ وهل في ذلك تسويغ لترك السنن دائما؟ فيصلح هنا ما قاله الأبي والسنوسي جوابا، كما بسط الجواب عن هذا السؤال، وعن الحلف على عدم الزيادة في الخير في الحديث الثاني.

وقد أجمعت روايات هذا الحديث على ذكر الصلاة، وجاء في بعضها صوم رمضان.

فتحمل التي لم تذكره على اقتصار بعض الرواة.

ولم ترد الزكاة إما لأنها لم تكن شرعت بعد، وإما لأنه كان لا يملك النصاب، على أنه يمكن إدخالها في عموم تحليل الحلال وتحريم الحرام.

أما الحج فلم يكن شرع قولا واحدا لأنه فرض سنة ست أو تسع، وكان استشهاد النعمان يوم أحد كما سبق.

والحديث باعتبار ما فيه من تحليل الحلال وتحريم الحرام يعد جامعا لكل وظائف الإيمان، لأنه كناية عن الوقوف عند حدود الشرع القويم.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>