للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا كلام جيد يؤيده ما جاء في الرواية الأولى: "فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا".

وقد تشبث المعتزلة بالآية للاستدلال بها على مذهبهم في أن الإيمان المجرد عن العمل لا يعتبر، ولا ينفع صاحبه، ويفسرون الآية بأن معناها: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها، أو مقدمة إيمانها غير كاسبة فيه خيرا، فتقديم الإيمان من غير كسب عمل لا يفيد.

وفسر ابن عطية الآية بما يساير مذهب أهل السنة، فقال ما حاصله: معنى الآية أن الكافر لا ينفعه إيمانه بعد طلوع الشمس من المغرب، وكذلك العاصي لا تنفعه توبته، ومن لم يعمل صالحا من قبل، ولو كان مؤمنا، لا ينفعه العمل بعد طلوعها من المغرب.

وقال ابن المنير في الانتصاف: هذا الكلام من البلاغة يلقب باللف، وأصله: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة قبل، إيمانها بعد، ولا ينفع نفسا لم تكسب خيرا قبل، ما تكسبه من الخير بعد، فلف الكلامين، فجعلهما كلاما واحدا إيجازا. اهـ. قال الألوسي- بعد أن ساق توجيهات أهل السنة: وبعد ذلك كله يرد على المعتزلة بأن "خيرا" نكرة في سياق النفي، فيعم، ويلزم أن يكون نفع الإيمان بمجرد كسب خير ولو واحدا، وليس ذلك مذهبهم فإن جميع الأعمال الصالحة داخلة في الخير عندهم. اهـ.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>