للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقارورة، يقول صلى الله عليه وسلم في الوصاية بها "رفقا بالقوارير" والقوارير يضرب بها المثل في سرعة الكسر، وعدم قبول الإصلاح والجبر، يقول الشاعر:

ارفق بعمرو إذا حركت نسبته ... فإنه عربي من قوارير

والإسلام يعتز بالمرأة، ويصونها، ويعتبر حصانتها أساس حياتها، من هنا أحاطها بسياج من وسائل الحفظ والتكريم، حتى في الجنة، وصفها القرآن الكريم بقوله {حور مقصورات في الخيام} [الرحمن: ٧٢]، {وعندهم قاصرات الطرف عين* كأنهن بيض مكنون} [الصافات: ٤٨ - ٤٩]، {وحور عين* كأمثال اللؤلؤ المكنون} [الواقعة: ٢٢ - ٢٣] حرص الإسلام على راحتها إن هي أقامت، فأوجب لها على الرجل السكنى والنفقة والكسوة والمعاشرة بالمعروف وإن هي سافرت، حتى لا تسافر مسافة قصر بدون زوج أو محرم، نركب ويمشي الرجل، وعليه أن يهيئ لها في مركبها ما يريحها من هودج وفراش وثير، ومشي وئيد، بل وأن يحدو لها الحادي، ويغني لها لينعشها في سفرها، كالطفل تغني له أمه، وتحننه، وتهدهده، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافر ببعض نسائه، فيهيئ لهن الركائب، ويعد لهن الهوادج، ويخصص لهن عبدا خادما، يقودهن، ويراعي مصالحهن، ويحدو لهن، ولا يكتفي صلى الله عليه وسلم بذلك، بل يرعى بنفسه شئونهن، ويتعهد أحوالهن، فيذهب إلى رحلهن بنفسه، يطمئن عليهن، ويوصي بهن وبراحتهن، فيقول للخادم: يا أنجشة، ارفق بهن في سوقك، وارفق بهن في حدوك وغنائك، فإنهن كالقوارير، فهل رأيت حنانا ورقة وعطفا على النساء مثل هذا؟ صلى الله عليه وسلم.

-[المباحث العربية]-

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وغلام أسود، يقال له: أنجشة، يحدو) في الرواية الثانية "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه، وسواق يسوق بهن، يقال له: أنجشة" وفي الرواية الثالثة "كانت أم سليم مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهن يسوق بهن سواق" وفي الرواية الرابعة "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاد حسن الصوت" وفي رواية البخاري "أتى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه" وفي رواية "وكان معهم سائق وحاد" وفي أخرى "كان أنجشة يحدو بالنساء، وكان البراء يحدو بالرجال" وفي رواية "وأنجشة غلام النبي صلى الله عليه وسلم يسوق بهن" وفي رواية "وكان يحدو بأمهات المؤمنين ونسائهم" أي نساء المؤمنين.

فمن هذه الروايات يتبين أن الرحلة كانت رحلة سفر، وفيها رجال ونساء، من غير اختلاط، فللرجال حاد، وللنساء حاد، وكان في ركب النساء بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، كل واحدة في هودج على بعير، وأن أنجشة كان سائق ركب النساء وحاديه، وكان غلاما أسود، حبشيا حسن الصوت، قيل: كان يكنى أبا مارية، وأنه كان ممن نفاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المخنثين.

وأن أم سليم، أم أنس، كانت مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يطمئن على ركب النساء، فأتى عليهن، والظاهر أنه أحس بركبهن ما يشغله عليهن، ففي رواية "فاشتد عليهن السياق" أي أسرع بركبهن بسبب انسجام الإبل بالحداء، وفي رواية "فإذا أعنقت الإبل" أي أسرعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>