للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(كأن عرقه اللؤلؤ) في الصفاء والبياض، و"اللؤلؤ" بهمزتين، وقد يترك همزه.

(إذا مشى تكفأ) أي مال يمينا وشمالا، كما تكفأ السفينة، قال الأزهري: هذا خطأ، لأن هذا صفة المختال: وإنما معناه أن يميل إلى سمته وقصد مشيه، وقال القاضي محبذا التفسير الأول: ولا يعد اختيالا إذا كان خلقة وجبلة، والمذموم منه ما كان مستعملا مقصودا، قلت: وإن صح ما يقوله القاضي، لكن خلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم خالية من السوء، ومما يوهم السوء، فقول الأزهري أسلم.

(دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عندنا) أي فنام نومة القيلولة، ففي الرواية الخامسة "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم، فينام على فراشها، وليست فيه، فجاء ذات يوم، فنام على فراشها" فجاءت، وقبل أن تدخل عليه "فأتيت" بضم الهمزة وكسر التاء وفتح الياء، مبني للمجهول، أي أتاها آت من داخل البيت "فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك، على فراشك" والظاهر أن هذه القيلولة لم تكن الأولى ففي الرواية السادسة "عن أم سليم رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيها، فيقيل عندها" بفتح الياء وكسر القاف "فتبسط له نطعا" بكسر النون وسكون الطاء، وكسرها وفتحها، بساط من جلد مدبوغ، والمراد هنا الفروة "فيقيل عليه" أي فجاء ذات يوم، فنام على فراشها الذي كانت تفرشه له، فجاءت فقيل لها، فدخلت عليه، وقد عرق "وكان كثير العرق" واستنقع عرقه على قطعة أديم، على الفراش، ففتحت عتيدتها" بفتح العين، وكسر التاء بعدها ياء فدال، وهي كالصندوق الصغير، تجعل المرأة فيها ما يعز من متاعها، وكان فيه قوارير طيبها، فأخرجت منه قارورة "فجعلت تنشف ذلك العرق" بخرقة أو نحوها "فتعصره في قواريرها" "فتجعله في الطيب والقوارير".

وفي رواية البخاري "أخذت من عرقه وشعره، فجعلته في قارورة" وفي ذكر الشعر في هذه الرواية غرابة، وقد حمله بعضهم على ما ينتشر من شعره صلى الله عليه وسلم عند الترجل، وحمله بعضهم على أنها كانت قد أخذت من شعره سابقا، فوضعته في القارورة، فعند ابن سعد بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق شعره بمنى، أخذ أبو طلحة، زوج أم سليم، أم أنس، أخذ شعره، فأتى به أم سليم، فجعلته في سكها" والسك بضم السين وتشديد الكاف طيب مركب، فيستفاد من هذه الرواية أنها لما أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلى الشعر الذي عندها، لا أنها أخذت من شعره لما نام، ويستفاد منها أيضا أن القصة المذكورة كانت بعد حجة الوداع، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حلق رأسه بمنى فيها.

(ففزع النبي صلى الله عليه وسلم) حين أحس بحركة يدها تحته وهو نائم، فاستيقظ، فرأى ما تصنع.

(فقال: ما تصنعين يا أم سليم)؟ في الرواية السادسة "يا أم سليم، ما هذا؟ "

(فقالت: يا رسول الله. نرجو بركته لصبياننا. قال: أصبت) في الرواية السادسة "قالت: عرقك، أدوف به طيبي" قال النووي "أدوف" بالدال وبالذال، ومعناه: أخلط به طيبي.

ولا معارضة بين قولها للبركة، وبين أنها كانت تجمعه لطيبها، فإنها تفعل ذلك للأمرين معا.

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان لينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغداة الباردة، ثم تفيض جبهته عرقا) هذا الحديث وصله البخاري بالرواية الثامنة، وقد أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>