للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سيبعث، واسمه محمد، فبدأ الآباء يسمون أبناءهم محمدا، أملا في أن يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم المنتظر، حتى بلغ اسم محمد في تلك الآونة خمسة عشر، بعد أن لم يكن معروفا عند العرب، وكانت توراة عيسى بشرت بهذا النبي صلى الله عليه وسلم وسمته "أحمد" قال عيسى عليه السلام {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: ٦].

وقد جرت العادة بأن يسمى العظماء أسماء مشتقة من مجال عظمتهم، تسجيلا لهذه الأعمال مرتبطة بأصحابها في سجل التاريخ، فسمي عمر رضي الله عنه بالفاروق، وسمي أبو بكر رضي الله عنه بالصديق، وهكذا كان من أسمائه صلى الله عليه وسلم "الماحي" لأنه يمحو ظلام الكفر عن رقعة كبرى من الأرض، و"الحاشر" الذي سيقود العالم في الحشر يوم القيامة، و"العاقب" الذي كان بعد الأنبياء ولا نبي بعده و"المقفي" أي التابع للرسل السابقين، والمتبوع من أمته، و"نبي التوبة" و"نبي الرحمة" لما تفضل الله به على أمته من قبول توبتهم إذا عصوا فتابوا رحمة بهم.

وهو المبشر المنذر الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

ولو ذهبنا نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به من صفات المجد والشرف لبلغنا بأسمائه ألفا أو يزيد، صلى الله وسلم وبارك عليه.

-[المباحث العربية]-

(أنا محمد) قال أهل اللغة: يقال: رجل محمد، ومحمود، إذا كثرت خصاله المحمودة، فهذا منقول من صفة الحمد، من باب التفعيل، يقال: حمد بتشديد الميم المكسورة وضم الحاء، وهو بمعنى محمود، وفيه معنى المبالغة، أي الذي حمد مرة بعد مرة، أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة. قال القاضي عياض: لم يكن العرب يسمون محمدا، إلا قرب ميلاده صلى الله عليه وسلم، لما سمعوا من الكهان والأحبار، أن نبيا سيبعث في ذلك الزمان، يسمى محمدا، فرجوا أن يكون في أبنائهم، فسموا أبناءهم بذلك، قال: وهم ستة لا سابع لهم، ورد الحافظ ابن حجر هذا الحصر، وأوصلهم خمسة عشر نفسا، وسردهم في فتح الباري، وقد تكرر اسم محمد في القرآن الكريم.

(وأنا أحمد) وذكر هذا الاسم في القرآن، حكاية عن قول عيسى عليه السلام {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} وهو أفعل تفضيل في الأصل، ثم صار علما منقولا من صفة، ومعناه أحمد الحامدين، قالوا: وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، وقيل: الأنبياء حمادون، وهو أحمدهم، أي أكثرهم حمدا، أو أعظمهم في صفة الحمد.

قال القاضي عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحمد" قبل أن يكون "محمدا" كما وقع في الوجود، لأن تسميته "أحمد" وقعت في الكتب السالفة، وتسميته "محمدا" وقعت في القرآن العظيم، وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الآخرة، يحمد ربه، فيشفعه، فيحمده الناس، وقد خص بسورة الحمد، وبلواء الحمد، وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل والشرب، وبعد الدعاء، وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه، صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>