(وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر) في الرواية الثانية "وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر" قيل: المراد إزالة الكفر من جزيرة العرب، فـ "ال" في "الكفر" عهدية، أي كفر أهل الجزيرة، والتقييد بذلك لأن الكفر لم ينمح به من جميع البلاد، وقيل: إنه محمول على الأغلب، أي ينمحي به أغلب الكفر، وفي رواية "يمحو الله به الكفرة" والمراد كفر الكفرة، ففي الكلام مضاف محذوف، وقيل المراد من المحو المحو العام، بمعنى الظهور بالحجة والغلبة، كما قال الله تعالى {ليظهره على الدين كله}[الصف: ٩] وجاء في حديث آخر تفسير الماحي بأنه الذي محيت به سيئات من اتبعه، ففي الكلام مضاف محذوف أيضا، أي محيت به سيئات الكفر السابقة على الإيمان، فهو كقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}[الأنفال: ٣٨] والحديث الصحيح "الإسلام يهدم ما قبله".
(وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي) وفي الرواية الثانية "على قدمي" قال النووي: اتفقت النسخ على أنها "على قدمي" لكن ضبطوه بتخفيف الياء على الإفراد، وتشديدها على التثنية، وأما الرواية الأولى فهي في معظم النسخ، وفي بعضها "قدمي" كالثانية، قال العلماء: معناهما يحشرون على أثري، وزمان نبوتي ورسالتي، ولبس بعدي نبي، وقيل: يتبعوني، وقيل: معناه إنه أول من يحشر، كما جاء في الحديث الآخر "أنا أول من تنشق عنه الأرض"، وفي رواية "وأنا حاشر، بعثت مع الساعة" وهي تؤيد الرأي الأول.
(وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد) من الأنبياء، ففي الرواية الأولى يفسرها الراوي بقوله "والعاقب الذي ليس بعده نبي" وفي ملحق الرواية الثانية "قال عقيل: قلت للزهري: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي" فهذا التفسير ظاهره الإدراج. بخلاف ما في الرواية الأولى، ويؤيدها رواية الترمذي، ولفظها "الذي ليس بعدي نبي".
(وقد سماه الله رءوفا رحيما) قال البيهقي في الدلائل: هذه العبارة مدرجة من قول الزهري.
(والمقفي) بكسر الفاء المشددة، قال شمر: هو بمعنى العاقب، وقال ابن الأعرابي: هو المتبع للأنبياء، يقال: قفوته، أقفوه، وقفيته بتشديد الفاء المفتوحة، أقفيه، إذا اتبعته، وقافية كل شيء آخره.
(ونبي التوبة، ونبي الرحمة) أي النبي الذي جاء بالتوبة لأمته، وبالتراحم أكثر من أي نبي آخر، قال تعالى {رحماء بينهم}[الفتح: ٢٩] وقال {وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة}[البلد: ١٧].
-[فقه الحديث]-
ذكر أبو بكر بن العربي في كتابه: الأحوذي في شرح الترمذي عن بعضهم أن لله تعالى ألف اسم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم، ثم ذكر منها على التفصيل بضعة وستين، وفي رواية للبخاري "لي خمسة أسماء" وذكر الخمسة التي في الرواية الأولى، وزاد عند ابن سعد "الخاتم" لكن فسر عند البيهقي