أرضه رآها بعض أهل الجبار أتاه فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلا لك. فأرسل إليها فأتي بها. فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة. فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها. فقبضت يده قبضة شديدة. فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك. ففعلت. فعاد. فقبضت أشد من القبضة الأولى. فقال لها: مثل ذلك. ففعلت. فعاد. فقبضت أشد من القبضتين الأوليين. فقال: ادعي الله أن يطلق يدي. فلك الله أن لا أضرك. ففعلت. وأطلقت يده. ودعا الذي جاء بها فقال له: إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي، وأعطها هاجر. قال: فأقبلت تمشي. فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف. فقال لها: مهيم؟ قالت: خيرا. كف الله يد الفاجر وأخدم خادما" قال أبو هريرة: فتلك أمكم يا بني ماء السماء.
-[المعنى العام]-
إبراهيم عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن {واتخذ الله إبراهيم خليلا}[النساء: ١٢٥]، {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا}[مريم: ٤١] أبو الأنبياء كنيته عليه الصلاة والسلام، وهب الله له إسماعيل وإسحق ومن ذرية إسماعيل محمد عليهما الصلاة والسلام، ومن ذرية إسحق يعقوب، والد أنبياء بني إسرائيل، كان إبراهيم عليه السلام حنيفا مسلما، جاهد في الله حق جهاده، وتعرض لصنوف الأذى والاضطهاد، حطم الأصنام بيده، وأتي به على أعين الناس يشهدون {قالوا ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون * قالوا حرقوه وانصروا ءالهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين * ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}[الأنبياء: ٦٢ - ٧١]{ولوطا ءاتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين * وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين}[الأنبياء: ٧٤ - ٧٥].
إن الإسلام يعرف للأنبياء قدرهم، ويؤمن بهم جميعا، لا يفرق بين أحد منهم، ومع أن القرآن الكريم يقول {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض}[البقرة: ٢٥٣] فإن محمدا صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: "لا تخيروا بين الأنبياء" ويقول تواضعا "لا تخيروني على موسى". "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى" وحين قال له أحد أصحابه "يا خير البرية، قال: ذاك إبراهيم عليه السلام" وحين سئل صلى الله عليه وسلم "من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم. قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله".
وحين نزل قوله تعالى {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى