ولكن ليطمئن قلبي} [البقرة: ٢٦٠] قال الصحابة: شك إبراهيم عليه السلام، ولم يشك نبينا، فقال صلى الله عليه وسلم:"نحن أحق بالشك من إبراهيم" وحين علم الصحابة أن إبراهيم عليه السلام قال لعبدة الأصنام: إني سقيم، ولم يكن سقيما، وحين قال لهم: بل فعله كبيرهم هذا، ولم يكن فعل، وحين قال للجبار عن امرأته: إنها أختي. قال الصحابة: كذب إبراهيم ولم يكذب نبينا، قال صلى الله عليه وسلم "لم يكذب إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات، كلها في ذات الله، ودفاعا عن شرع الله، وحين نزل قوله تعالى على لسان لوط {قال لو أن لي بكم قوة أو ءاوي إلى ركن شديد}[هود: ٨٠] قال الصحابة: إن نبينا يعتمد على الله وإن لوطا لم يعتمد على الله. قال صلى الله عليه وسلم "رحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد"، هو الله.
وحين نزل قوله تعالى على لسان يوسف لخادم الملك {اذكرني عند ربك}[يوسف: ٤٢] أي عند مليكك، قال الصحابة: نبينا لا يسأل إلا ربه، ويوسف سأل الملك وأرسل وساطة إليه، قال لهم صلى الله عليه وسلم: لو لبثت في السجن - بدون ذنب - طول المدة التي لبثها يوسف في السجن لأجبت الداعي، حين جاءه في السجن وقال: اخرج من السجن لتقابل الملك، لكن يوسف لم يسارع بالخروج، ولم يكن معتمدا على الملك، بل على الله وعلى البراءة.
وهكذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم محبا لإخوانه الأنبياء، مدافعا عنهم، منزها لأفعالهم عن الخطأ، مبرئا لهم مما قد يثار حول بعض تصرفاتهم، بل كان يرفعهم على نفسه، ويدعو لتوقيرهم فوق توقيره، مؤمنا بما أنزل عليهم، داعيا أمته إلى الإيمان بكل ما جاء عنهم، عملا بقوله تعالى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}[البقرة: ١٣٦].
فاللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
-[المباحث العربية]-
(يا خير البرية) "خير" أفعل تفضيل، استعمل المصدر فيها لكثرة الاستعمال، والبرية الخلق، والبارئ الخالق.
(ذاك إبراهيم عليه السلام) أي خير البرية إبراهيم عليه السلام.
قال الحافظ ابن حجر: وإبراهيم بالسريانية معناه أب راحم، وهو ابن آزر، واسمه تارح بالتاء، ابن ناحور ابن شاروخ بن راغوء بن فالخ بن عبير - ويقال: عابر - بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، فبينه وبين نوح عشرة آباء، قال الحافظ ابن حجر: لا يختلف جمهور أهل النسب ولا أهل الكتاب في ذلك، إلا في النطق ببعض هذه الأسماء.
(اختتن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة) الختان معروف، وهو قطع غلفة الذكر، وفي مسند مسعود "اختتن إبراهيم بعد ما مرت به ثمانون" ووقع في الموطأ موقوفا