للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فتلك أمكم يا بني ماء السماء) قال النووي: قال كثيرون: المراد ببني ماء السماء العرب كلهم، لخلوص نسبهم وصفائه، وقيل: لأن أكثرهم أصحاب مواش، وعيشهم من المرعى والخصب، وما ينبت بماء السماء، وقال القاضي: الأظهر عندي أن المراد بذلك الأنصار خاصة، ونسبتهم إلى جدهم عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأدد، وكان يعرف بماء السماء، وهو المشهور بذلك، والأنصار كلهم من ولد حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر المذكور، اهـ.

وقيل: أراد بماء السماء زمزم، لأن الله أنبعها لهاجر، فعاش ولدها بها، فصاروا كأنهم أولادها.

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-

١ - من الرواية الأولى فضيلة إبراهيم عليه السلام، قال النووي: قال العلماء: إنما قال صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم إنه خير البرية، تواضعا، واحتراما لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، لخلته وأبوته، وإلا فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل، كما قال صلى الله عليه وسلم "أنا سيد ولد آدم" ولم يقصد به الافتخار، ولا التطاول على من تقدمه، بل قاله بيانا لما أمر ببيانه وتبليغه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم "ولا فخر" لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة، وقيل: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال: إبراهيم خير البرية قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فإن قيل: التأويل المذكور ضعيف، لأن هذا خبر، فلا يدخله خلف ولا نسخ؟ فالجواب أنه لا يمتنع أنه أراد أفضل البرية الموجودين في عصره، وأطلق العبارة الموهمة للعموم، لأنه أبلغ في التواضع، وقد جزم صاحب التحرير بمعنى هذا، فقال: المراد أفضل برية عصره، وأجاب القاضي عن التأويل الثاني بأنه وإن كان خبرا، فهو مما يدخله النسخ من الأخبار، لأن الفضائل يمنحها الله تعالى لمن يشاء، فأخبر بفضيلة إبراهيم، إلى أن علم تفضيل نفسه، فأخبر به.

٢ - ويؤخذ منه جواز التفاضل بين الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، مصداقا لقوله تعالى {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} [البقرة: ٢٥٣] ويجاب عن حديث النهي عن التفضيل بين الأنبياء بالأجوبة السابقة في أول كتاب الفضائل.

٣ - ومن الرواية الثانية مشروعية الختان، وقد سبق في باب خصال الفطرة، في كتاب الطهارة.

٤ - ومن الرواية الثالثة وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم لإخوانه الأنبياء، ودفاعه عما أثير حول بعضهم.

٥ - ومن طلب إبراهيم رؤية كيفية إحياء الموتى إدلاله على الله، وقربه منه.

٦ - واستحباب الترقي في الإيمان من علم اليقين إلى عين اليقين.

٧ - وفضيلة يوسف عليه السلام، وصبره، ونزاهته.

٨ - وتواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول "لأجبت الداعي" والتواضع لا يحط مرتبة الكبير، بل يزيده رفعة وجلالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>