٢٤ - ومن الرواية الحادية عشرة وما بعدها، من قصة موسى والخضر عليهما السلام.
ما يؤكد قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}[البقرة: ٢١٦].
٢٥ - ومن إنكار تعلم موسى بني إسرائيل من الخضر ذهب أهل الكتاب وتابعهم من تبعهم من المحدثين والمؤرخين وزعموا أن موسى هنا هو موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب، وهو موسى الأول، وتعللوا بأن موسى النبي لا يتعلم من غيره. وأجيب بأن التعلم كان من نبي، ولا غضاضة في تعلم نبي من نبي، قالوا: ولو سلمنا بنبوة الخضر لا نسلم أن موسى بن عمران، وهو الأفضل يتعلم ممن ليس مثله في الفضل، فإن الخضر عليه السلام على القول بنبوته، بل القول برسالته، لم يبلغ درجة موسى عليه السلام.
واستبعدوا أن يكون موسى هو موسى بني إسرائيل، على أساس أن بعد الخروج من مصر حصل هو وقومه في التيه، وتوفي فيه، ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته والقصة تقتضي خروجه عليه السلام من التيه، لأنها لم تكن وهو في مصر بالإجماع، وتقتضي أيضا الغيبة أياما، ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل، الذين كانوا معه، ولو علمت لنقلت، لتضمنها أمرا غريبا، تتوافر الدواعي على نقله، فحيث لم يكن لم تكن، وأجيب بأن عدم سماح نفوسهم بالقول بتعليم نبيهم عليه السلام من مثله في الفضل، أمر لا يساعده العقل، وليس هو إلا كالحمية الجاهلية، إذ لا يبعد عقلا تعلم الأفضل الأعلم، شيئا ليس عنده، ممن هو دونه في الفضل والعلم، وقد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل.
ثم إن عدم خروج موسى من التيه غير مسلم، وكذلك اقتضاء الغيبة أياما، لجواز أن يكون على وجه خارق للعادة، وقد يقال: يجوز أن يكون عليه السلام خرج وغاب أياما، لكن لم يعلموا أن عليه السلام ذهب لهذا الأمر، وظنوا أنه ذهب يناجي ويتعبد، ولم يوقفهم على حقيقة غيبته بعد أن رجع، لعلمه بقصور فهمهم، فخاف من حط قدره عندهم، ويجوز أن يكون غاب عنهم، وعلموا غيبته، لكن لم يتناقلوها جيلا بعد جيل، لتوهم أن فيها شيئا مما يحط قدره عندهم.
قال العلماء: ولا يخفى أن باب الاحتمال واسع، وبالجملة لا نبالي بإنكارهم بعد جواز الوقوع عقلا، وإخبار الله تعالى به. والله أعلم
٢٦ - وفي الحديث مصداق لقوله تعالى {وفوق كل ذي علم عليم}[يوسف: ٧٦].
٢٧ - ومن بناء الخضر عليه السلام للجدار، وحفظ الكنز لليتيم أن صلاح الآباء ينفع الأبناء بعد موتهما.