للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر) قال العلماء: معناه أكثرهم جودا وسماحة لنا بنفسه وماله، قال النووي: وليس هو من المن، الذي هو الاعتداد بالصنيعة، لأنه أذى مبطل للثواب، ولأن المنة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

وقال القرطبي: هو من الامتنان، والمراد أن أبا بكر له من الحقوق، ما لو كان لغيره نظيرها لامتن بها، ويؤيده رواية "ليس أحد أمن علي" أي يمكن أن يمن علي لما له عندي من يد وفي رواية "إن من أمن الناس علي أبا بكر" وعند الترمذي "ما لأحد عندنا يد، إلا كافأناه عليها، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا، يكافئه الله بها يوم القيامة" زاد في رواية للطبراني "منة أعتق بلالا، ومنة هاجر بنبيه" وفي رواية له أيضا "واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنته".

(ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا) في الرواية الرابعة "لو كنت متخذا من أمتي أحدا خليلا لاتخذت أبا بكر" وفي الرواية الخامسة "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا" وفي الرواية السادسة "لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا" قال أهل اللغة: الخلة أرفع رتبة من المودة والمحبة والصداقة، ولذلك نفى الخليل، وأثبت المحب، فهو صلى الله عليه وسلم يحب أبا بكر وعائشة وفاطمة والحسنين وغيرهم وقال الزمخشري: الخليل هو الذي يوافقك في خلالك، ويسايرك في طريقك، أو الذي يسد خللك، وتسد خلله، أو يداخلك خلال منزلك، وقيل: أصل الخلة انقطاع الخليل إلى خليله، وقيل الخليل من يتخلله سرك، وقيل: من لا يسع قلبه غيرك، قيل: أصل الخلة الاستصفاء وقيل: المختص بالمودة قال الحافظ ابن حجر: وهذا كله بالنسبة إلى الإنسان أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له، ومعاونته، وفي الرواية الثالثة "وقد اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليلا" وفي الرواية السادسة "ولكن صاحبكم خليل الله" ولا ينافي هذا قول أبي هريرة وأبي ذر وغيرهما "أخبرني خليلي صلى الله عليه وسلم" فذلك جائز لهم، لأن الصحابي يحسن في حقه الانقطاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي الرواية السابعة "ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله" قال النووي: هما بكسر الخاء، فأما الأول فكسره متفق عليه والخل بمعنى الخليل وأما قوله "من خله" فبكسر الخاء عند جميع الرواة في جميع النسخ والخل الصداقة وصوب القاضي فتحها والمعنى على كل: أبرأ من خلة كل خليل أي أن يكون خليلي.

(ولكن أخوة الإسلام) في الرواية الثالثة "ولكنه أخي وصاحبي" وعند البخاري "ولكن أخوة الإسلام ومودته" وعند الطبراني "ولكن أخوة الإيمان والإسلام أفضل" ولا يعكر عليه اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة، لأن زيادة أبي بكر في ذلك لا تخفى.

(لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر) المراد بالمسجد مسجده صلى الله عليه وسلم بالمدينة، والخوخة باب صغير، قد يكون بمصراع، وقد لا يكون، وإنما أصلها فتح في حائط، كالطاقة تفتح لأجل الضوء، ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الانتقال منها لتقريب الوصول من البيت إلى مكان مطلوب وهو المقصود هنا، ولهذا أطلق عليها - في رواية للبخاري "باب"، وقي: لا يطلق عليها "باب" إلا إذا كانت تغلق، وكان أصحاب البيوت المحيطة بالمسجد النبوي، قد فتحوا في بيوتهم خوخات في المسجد، وكان لأبي بكر بيت ملاصق، غير بيته

<<  <  ج: ص:  >  >>