ولقد مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا وأثنى عليه كثيرا، وكان من استمرار صحبته له يقول: ذهبت إلى كذا أنا وأبو بكر وعمر ودخلنا كذا أنا وأبو بكر وعمر ورجعنا من كذا أنا وأبو بكر وعمر وآمنت بكذا أنا وأبو بكر وعمر حتى استقر في نفوس الصحابة اتصالا فريدا بين الثلاثة يوحي بصحبتهم بعد الموت وقد كان حيث دفنوا في مقابر ثلاث في حجرة واحدة.
كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى علم عمر وإيمان عمر وغيرة عمر بما رآه في منامه صلى الله عليه وسلم وموافقات عمر لأحكام شرعية قبل تشريعها كثيرة منها قول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلى فنزل قوله تعالى {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}[البقرة: ١٢٥] وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك حيث يدخل عليك البر والفاجر فنزلت آية حجاب أمهات المؤمنين وحاول منع الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة على عبد الله بن أبي المنافق لكن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه فنزل قوله تعالى {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا}[التوبة: ٨٤].
وهكذا كان عمر رضي الله عنه ينطق بالحق وهكذا جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه رضي الله عنه وأرضاه ورضي عن الصحابة أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(وضع عمر بن الخطاب على سريره) أي على نعشه لما مات وعمر بن الخطاب بن نفيل بضم النون مصغرا ابن عبد العزى بن رياح - بكسر الراء وبالياء ابن عبد الله بن قرط بن رزاح - بفتح الراء، ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب، وعدد ما بينهما من الآباء إلى كعب متفاوت بواحد بخلاف أبي بكر فبين النبي صلى الله عليه وسلم وكعب سبعة آباء وبين عمر وبين كعب ثمانية، وأم عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ابنة عم أبي جهل والحارث ابني هشام بن المغيرة كنيته أبو حفص كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت حفصة أكبر أولاده ولقبه الفاروق، قيل: لقبه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: أهل الكتاب، وقيل: جبريل.
(فتكنفه الناس) أي أحاطوا به، وأصله جعلوه في كنفهم، وكنف الإنسان جانبه، وكنفا الرجل حضناه وكنفا الطائر جناحاه والمراد من الناس بعض الصحابة وكبارهم.
(يدعون، ويثنون، ويصلون عليه) أي يدعون له بخير، ويثنون عليه ثناء جميلا، ويصلون عليه أي يدعون له بلفظ الصلاة والصلاة من الله الرحمة.
(قبل أن يرفع) في نعشه إلى قبره.
(وأنا فيهم) من كلام ابن عباس، أي وأنا محيط به معهم.
(فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي) أي لم يفزعني إلا رجل فالباء زائدة وفي رواية البخاري "فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي" أي واضع يده على كتفي، والمراد أنه رآه بغتة، وهو منشغل بالمنظر، ففزع.