للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يستند في هذه الدعوى إلا إلى استبعاد أن يقع في الجنة وضوء، لأنه لا عمل فيها وعدم الاطلاع على المراد من الخبر لا يقتضي تغليط الحفاظ، ثم فسر الخطابي "شوهاء" بمعنى حسناء، والكلمة تستعمل في النقيضين.

(فقالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخل، فذكرت غيرتك) والخطاب لعمر فقد كان حاضرا قص الرؤيا، وفي الرواية الثامنة "فذكرت غيرة عمر، فوليت مدبرا" وفي رواية للبخاري "فأردت أن أدخله فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك"

(فبكى عمر، وقال: أي رسول الله، أوعليك أغار؟ ) "أي" حرف نداء، و"أو" بفتح الواو حرف عطف، والهمزة للاستفهام الإنكاري، والعطف على محذوف، أي أأشك فيك وأغار منك؟ لا يحصل شيء من ذلك، أي لا أشك فيك ولا أغار منك، فأنت عندي ثقة مأمون. وأصل التعبير: أعليها أغار منك فحصل قلب وفي الرواية الثامنة "قال أبو هريرة: فبكى عمر، ونحن جميعا في ذلك المجلس، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال عمر: بأبي أنت يا رسول الله! أعليك أغار"؟ قال ابن بطال: وبكاء عمر يحتمل أن يكون سرورا ويحتمل أن يكون تشوقا أو خشوعا وزاد في رواية "قال عمر: وهل رفعني الله إلا بك؟ وهل هداني الله إلا بك"؟

(استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نساء من قريش، يكلمنه، ويستكثرنه، عالية أصواتهن) قال الحافظ ابن حجر: هن من أزواجه ويحتمل أن يكون معهن من غيرهن، لكن قرينة قوله "يستكثرنه" أي يطلبن منه أكثر مما يعطيهن، يؤيد أنهن من أزواجه صلى الله عليه وسلم، وزعم الداودي أن المراد أنهن يكثرن الكلام عنده، وهو مردود بما وقع التصريح به "أنهن يطلبن النفقة" كذا قال الحافظ ابن حجر، قلت: ومراد الداودي يكثرن الكلام في طلب زيادة النفقة، فقوله ليس مردودا، بدليل قوله "عالية أصواتهن" زاد البخاري "على صوته" و"عالية" يجوز فيه الرفع على الصفة، والنصب على الحال "وأصواتهن" بالرفع فاعل "عالية".

(فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب) يقال: ابتدر فلانا بكذا عاجله به، وابتدر القوم الشيء تسارعوا إليه، والظاهر أن المراد من القيام البدء والإنشاء، لكن قوله "عجبت من هؤلاء اللائي كن عندي" يشعر أنهن قمن من مجلسهن، لحجب شخوصهن، لكن خطاب عمر لهن بعد، يوحي بأنهن رجعن إلى جلستهن.

(أضحك الله سنك) قال الحافظ ابن حجر: لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك، بل لازمه، وهو السرور، أو نفي ضد لازمه، وهو الحزن.

(قال عمر: فأنت يا رسول الله، أحق أن يهبن) أي أنت أحق مني بالهيبة والاحترام والتوقير.

(ثم قال عمر: أي عدوات أنفسهن) "أي" بسكون الياء، حرف نداء، ووصفهن بهذا الوصف لأن الذي يفعل الخطأ عدو نفسه، فهو يوقعها في الضرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>