"قال: فحمد الله، ثم قال: الله المستعان" وفي رواية عند أحمد "فجعل يقول: اللهم صبرا. حتى جلس". "قال: فدخل، فوجد القف قد ملئ، فجلس وجاههم من الشق الآخر""وجاههم" بكسر الواو، وضمها، أي قبالتهم، وفي مواجهتهم.
(قال سعيد بن المسيب) راوي الحديث عن أبي موسى
(فأولتها قبورهم) في الملحق الثاني "فتأولت ذلك قبورهم، اجتمعوا ها هنا، وانفرد عثمان" يعني أن الثلاثة دفنوا في مكان واحد، وعثمان دفن في مكان بائن عنهم، حيث دفن بالبقيع.
-[فقه الحديث]-
ذكر البخاري بالإضافة إلى حديث الباب، من فضائل عثمان رضي الله عنه:
١ - حديث توليه الخلافة، وقد ذكرنا صدره عند الكلام على فضل عمر رضي الله عنه، ونذكر بقيته:
قال عمرو بن ميمون:"فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط [أي الذين رشحهم عمر للخلافة، علي وعثمان والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن] فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم" ليقل الاختلاف في الاختيار "فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه، والله عليه والإسلام" أي والله رقيب عليه، والإسلام رقيب عليه "لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما [هو علي] فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقدم في الإسلام" - بكسر القاف وفتحها مع فتح الدال "ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر، فقال مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار، فبايعوه".
٢ - قال البخاري: وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان" وقال "من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزه عثمان" وروى البغوي في الصحابة "لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني غفار عين، يقال لها: رومة، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تبيعنيها بعين في الجنة؟ فقال: يا رسول الله! ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتجعل لي فيها ما جعلت له؟ قال: نعم. قال: قد جعلتها للمسلمين" فلعل عثمان حفر بئرا على هذه العين، أو بناها ووسعها، فنسب إليه حفرها. وأما تجهيز جيش العسرة، فعند الترمذي أنه جهزهم بثلاثمائة بعير، وعند أحمد أنه جاء بألف دينار في ثوبه، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم حين جهز جيش العسرة فقال صلى الله عليه وسلم "ما على عثمان ما عمل بعد اليوم" وعند أسد بن موسى في فضائل الصحابة "حمل عثمان على ألف بعير وسبعين فرسا في العسرة".
٣ - وحديث "اثبت أحد، فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" كما ذكره في فضائل أبي بكر.