وتشديد الفاء، أي حافتها، وأصل القف الغليظ المرتفع من الأرض "وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، قال: فسلمت عليه، ثم انصرفت، فجلست عند الباب فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم" وفي ملحق الرواية الثالثة "دخل حائطا، وأمرني أن أحفظ الباب" والظاهر التعارض بين الرواية الرابعة، وفيها أن أبا موسى أراد أن يحفظ الباب من تلقاء نفسه، بل في بعض الروايات، قال:"ولم يأمرني" وبين ملحق الرواية الثالثة، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يحفظ الباب، وفي رواية أبي عوانة قال "يا أبا موسى، أملك علي
الباب، فانطلق، فقضى حاجته وتوضأ، ثم جاء، فقعد على قف البئر" وفي رواية الترمذي "يا أبا موسى، أملك علي الباب، فلا يدخلن علي أحد" ويرفع هذا التعارض باختلاف الزمان، إذ يحتمل أنه أمر بحفظ الباب أثناء قضاء الحاجة وتطوع بحفظ الباب بعد الوضوء، وبعد جلوسه صلى الله عليه وسلم على حافة البئر.
(إذ استفتح رجل، فقال: افتح وبشره بالجنة، قال: فإذا أبو بكر) في الرواية الرابعة "فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال أبو بكر. فقلت: على رسلك" بكسر الراء وفتحها، لغتان، أي تمهل وتأن، يقال: ترسل في كلامه وقراءته ومشيه، والرسل بكسر الراء الرفق والتؤدة "قال: ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله! هذا أبو بكر يستأذن؟ فقال: ائذن له، وبشره بالجنة" وظاهر الرواية الثالثة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالفتح والتبشير بالجنة قبل أن يعلم من المستفتح؟ وظاهر الرواية الرابعة أنه أمر بالفتح والتبشير بالجنة بعد أن علمه، ولا تعارض، فمن المحتمل أنه أمر بذلك قبل العلم، وأمر به بعد العلم.
(ففتحت له، وبشرته بالجنة) في الرواية الرابعة "فأقبلت، حتى قلت لأبي بكر: ادخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه" زاد في رواية أن أبا بكر حين بشر بالجنة حمد الله.
(ثم استفتح رجل آخر) كان أبو موسى يترقب مجيء أخيه، فقد تركه في البيت يتوضأ، ليلحق به فلما سمع التبشير بالجنة تمنى أن يكون المستفتح الثاني أخاه، فتقول الرواية الرابعة "ثم رجعت" أي إلى الباب "فجلست - وقد تركت أخي يتوضأ، ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان - ذكر اسم أخيه - خيرا، يأت به" الآن "فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت من هذا؟ فقال عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، وقلت: هذا عمر يستأذن؟ فقال: ائذن له وبشره بالجنة فجئت عمر فقلت: أذن ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قال: فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف، عن يساره، ودلى رجليه في البئر" قال النووي: وقوله "دلى رجليه في البئر" دليل للغة الصحيحة أنه يجوز أن يقول: دليت الدلو في البئر كما يقال: أدليت، ومنهم من منع الأول. "قال: ثم رجعت فجلست، فقلت" في نفسي: "إن يرد الله بفلان خيرا - يعني أخاه - يأت به، فجاء إنسان، فحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان، فقلت: على رسلك، قال: وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ائذن له، وبشره بالجنة، مع بلوى تصيبه، قال: فجئت فقلت: ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك" في رواية