القاضي يقال: هش يهش - بفتح الهاء، هشاشة، والهشاشة والبشاشة بمعنى طلاقة الوجه، وحسن اللقاء، أما الهش الذي هو خبط الورق من الشجر، فيقال منه: هش يهش بضم الهاء، قال تعالى {وأهش بها على غنمي}[طه: ١٨] ومعنى "لم تباله" لم تكترث به، ولم تحتفل لدخوله، يقال: بالاه يباليه مبالاة، أي اهتم به، واللامبالاة عدم الاهتمام وأمر ذو بال، أي ذو أهمية، والبال الحال والشأن والخاطر، قال تعالى {سيهديهم ويصلح بالهم}[محمد: ٥] وفي الرواية الثانية "ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - كما فزعت لعثمان"؟ أي ما لي لم أرك اهتممت بهما، واحتفلت بدخولهما، قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "فزعت" بالزاي والعين، وكذا حكاه القاضي عن رواية الأكثرين، قال: وضبطه بعضهم "فرغت" بالراء والغين، وهو قريب من معنى الأول.
(فقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟ )"ألا" للعرض والتحضيض، أي أحث نفسي وأحضها على الحياء من رجل تستحي منه الملائكة، قال النووي: هكذا هو في الرواية "أستحي" بياء واحدة في كل واحدة منها، قال أهل اللغة: يقال: استحيا يستحيي بياءين، واستحى يستحي بياء واحدة لغتان الأول أفصح وأشهر، وفي الرواية الثانية "إن عثمان رجل حيي" بكسر الياء الأولى وتشديد الثانية، أي كثير الحياء "وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجة" أي خشيت أن يمنعه حياؤه - إذا رآني مكشوف الساقين - من الدخول والوصول إلي، فلا يقضي مني حاجته التي جاء من أجلها.
(في حائط من حائط المدينة)"حائط" جنس، يصدق على كثيرين فكأنه قال من حوائط المدينة، أو من حيطان المدينة، وهو كذلك في بعض النسخ، والحائط البستان وفي ملحق الرواية الرابعة "فوجدته قد سلك في الأموال" أي قد دخل في البساتين "فتبعته فوجدته قد دخل مالا" أي بستانا.
(وهو متكئ) في كتب اللغة: المتكئ من استوى قاعدا على وطاء متمكنا.
(يركز بعود معه، بين الماء والطين)"يركز" بفتح الياء وسكون الراء وضم الكاف، أي يضرب طرفه وأسفله في الطين، ليثبته فيه، وقد بينت الرواية الرابعة بداية القصة، وأن أبا موسى توضأ في بيته، ثم خرج، قاصدا أن يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم طول هذا اليوم، سأل عنه في المسجد فقالوا:"خرج وجه ها هنا" قال النووي: المشهور في الرواية "وجه" بتشديد الجيم - أي وفتح الواو، أي وجه نفسه هذه الجهة، قال: وضبطه بعضهم بإسكانه، لوجود "خرج" أي خرج قاصدا هذا الوجه وهذه الجهة "قال: فخرجت على أثره" بفتح الهمزة والثاء، أي أتتبع آثار قدميه، أو أتبع طريقه "أسأل عنه، حتى" علمت أنه "دخل بئر أريس" والأريس بفتح الهمزة وكسر الراء مخففة، والإريس بكسر الهمزة وكسر الراء مشددة الحراث، أي بئر حراث، وهو في الرواية مصروف، ولآبار المدينة أسماء، وبئر أريس معروف بالمدينة، قريب من قباء، وهو الذي سقط فيه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من يد عثمان رضي الله عنه، وكان بجوار كل بئر حوض يملأ، فيستقي أو يتوضأ منه، ويحاط البئر وحوضه غالبا بحائط له باب، وقد يكتفى بباب البستان، "قال: فجلست عند الباب، وبابها من جريد، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ، فقمت إليه" أي توجهت نحوه "فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها" بضم القاف،