(أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة)"أرق" بفتح الهمزة وكسر الراء وفتح القاف أي سهر ولم يأته نوم في الرواية الثانية "سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقدمه المدينة ليلة" أي في أوائل إقامته بالمدينة وعند البخاري "كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر فلما قدم المدينة "وفي ليلة من الليالي بعد أن تزوج عائشة، وكان يخاف غدر اليهود "قال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة" ولم يبين زمان السهر، وظاهر أن السهر كان قبل القدوم والقول بعده، وظاهر روايتنا أن السهر والقول معا كانا بعد القدوم وعند النسائي "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يسهر من الليل" وعند أحمد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه قالت: فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟ ... " الحديث، وعند الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية {والله يعصمك من الناس}
(قالت: وسمعنا صوت السلاح) في الرواية الثانية "فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح" أي صوت سلاح، صدم بعضه بعضا.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله جئت أحرسك) في الرواية الثانية "فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ قال: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه) الغطيط صوت النائم المرتفع.
(ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد، غير سعد بن مالك، فإنه جعل يقول له يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي) المعنى: ما جمع في التفدية بين أبويه، ولكنه كان كثيرا ما يقول: فداك أبي - فقط وفي الرواية الرابعة يقول سعد: لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد" وفي نفي جمع أبويه عن غير سعد نظر فقد ثبت - وسيأتي - أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه للزبير بن العوام يوم الخندق، ويجمع بينهما بأن عليا رضي الله عنه لم يطلع على ذلك أو مراده تقييد ذلك بيوم أحد ويؤيد الجمع الأول رواية البخاري "عن علي رضي الله عنه قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي".
وتوضح الروايات سبب هذه التفدية، ففي البخاري عن سعد رضي الله عنه "نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد فقال: ارم فداك أبي وأمي""نثل" أي نفض، والكنانة جعبة السهام وتكون غالبا من جلود، وعند الحاكم عن سعد رضي الله عنه قال:"جال الناس يوم أحد تلك الجولة" أي انهزموا وفروا "فتنحيت، فقلت: أذود عن نفسي، فإما أن أنجو وإما أن أستشهد فإذا رجل محمر الوجه - وقد كاد المشركون أن يركبوه، فملأ يده من الحصى، فرماهم وإذا بيني وبينه المقداد فأردت أن أسأله عن الرجل، فقال لي: يا سعد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك،