فقمت، وكأنه لم يصبني شيء من الأذى وأجلسني أمامه فجعلت أرمي ... " وقد روى مسلم عن ظروف هذه التفدية، عن أنس رضي الله عنه قال "أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش" وكأن المراد بالرجلين طلحة وسعد.
(كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين) أي أثخن فيهم، وأكثر وبالغ في جرحهم وقتلهم، وعمل فيهم نحو عمل النار.
(قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل) أي رميته بسهم ليس فيه زج، أي رماه بعود من الخشب ليس في طرفه الحديدة النفاذة الجارحة.
(فأصبت جنبه) قال النووي: بالجيم والنون، هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها "حبته" بحاء مفتوحة وباء مشددة مفتوحة بعدها تاء، أي حبة قلبه.
(فسقط، فانكشفت عورته) أي وقع على جنبه، فرفع الإزار عن عورته.
(فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) فرحا بإصابته وسقوطه وليس لانكشاف عورته.
(حتى نظرت إلى نواجذه) بالذال أي أنيابه أو أضراسه.
(أنه نزلت فيه آيات من القرآن) أي كان سببا في نزولها.
(حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا، حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب) أي حتى يكفر بالإسلام.
وأمه خمرة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية وهذه العلاقة وحدها كافية في تبرير موقفها، أو فهمه، رغم أن السيدة أم حبيبة من السابقات وهي ابنة أبي سفيان.
(مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد) أي ثلاث ليال لا تأكل ولا تشرب حتى غشي عليها من التعب.
(فقام ابن لها يقال له: عمارة، فسقاها) في الرواية السابعة "فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها" أي أو يسقوها "شجروا فاها بعصا" أي فتحوا فاها، ووضعوا فيه عصا لئلا تطبق، ثم صبوا الطعام فيصل جوفها رغم أنفها. قال النووي: هكذا صوابه "شجروا" بالشين والجيم والراء، وهكذا هو في جميع النسخ قال القاضي: ويروى "شحوا فاها" بالحاء وحذف الراء، ومعناه قريب من الأول، أي أوسعوه وفتحوه، والشحو التوسعة، ودابة شحو، واسعة الخطو، ويقال: أوجره ووجره، لغتان، الأولى أفصح وأشهر. اهـ.
وفي كتب اللغة: الوجور، بفتح الواو وضمها الدواء يصب في الحلق، وأوجر الناس العليل، صبوا الوجور في حلقه.
(فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي} ... وفيها {وصاحبهما في الدنيا معروفا})