للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والطبراني وابن عساكر، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "كنت برا بأمي، لما أسلمت قالت: يا سعد، وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل ولا أشرب، حتى أموت فتعير بي فيقال: يا قاتل أمه. قلت لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني هذا لشيء فمكثت يوما وليلة لا تأكل فأصبحت قد جهدت فمكثت يوما وليلة لا تأكل فأصبحت قد اشتد جهدها فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين. والله! لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فنزلت هذه الآية".

(وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف فأخذته، فأتيت به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف) أي أعطنيه نافلة زائدة على حقي "فأنا من قد علمت حاله" جهادا وشجاعة وكفاءة "فقال: رده من حيث أخذته قال: فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض" بفتح القاف والباء الموضع الذي يجمع الغنائم "لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه. فقال: فشد لي صوته: رده من حيث أخذته قال: فأنزل الله عز وجل {يسألونك عن الأنفال} أي الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يمنحها لمن يشاء، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية أرسل إلى سعد أن يأخذ السيف فقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن سعد رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله قد شفاني الله تعالى اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف. قال: إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي، وإذا رجل يدعوني من ورائي، فقلت: قد أنزل في شيء، قال عليه الصلاة والسلام: كنت سألتني هذا السيف، وليس هو لي، وإني قد وهب لي، فهو لك، وأنزل الله هذه الآية {يسألونك عن الأنفال}

(ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم) كان هذا المرض بمكة في حجة الوداع، وعاش سعد بعدها أزيد من أربعين سنة.

(فكان بعد الثلث جائزا) أي لم ينزل في هذا قرآن، بل السنة قيدت القرآن، في قوله {من بعد وصية يوصى بها أو دين} [النساء: ١٢] فالوصية في القرآن مطلقة، والسنة قيدتها بالثلث. والموضوع مبسوط في كتاب الوصية.

(فأتيتهم في حش. والحش البستان) بفتح الحاء وتشديد الشين.

(فإذا رأس جذور مشوي عندهم) "مشوي" بالرفع، صفة لرأس، والجذور ما يصلح لأن يذبح من الإبل، ذكرا أو أنثى، ولفظه أنثى يقال للبعير: هذه جذور سمينة، والجمع جزائر وجزر، والجزر بفتح الجيم وسكون الزاي النحر، يقال: جزر الجزور نحرها فهو جازر وجزار وجزير.

(وزق من خمر) أي عندهم فزق معطوف على "رأس" أو مبتدأ خبره محذوف والجملة معطوفة على الجملة، والزق بكسر الزاي وعاء من جلد، يجز شعره ولا ينتف، يستخدم إناء للشراب وغيره وجمعه أزقاق، وزقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>