الأعيان، فإن الإسلام بني على خمس ليس الغزو منها، وساق قوله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس ... ".
وفي هذا الحديث يشبه صلى الله عليه وسلم الإسلام بقصر بني على خمس قوائم ليست سواء في قوتها، ولا في اعتماد البناء عليها، بل فيها دعامة ينبني عليها ويستقر بها وغيرها مكملات مثبتات كاشفات للقوة والمتانة، محصنات له من المؤثرات، سياج له من التصدع والتشقق والضعف والانهيار.
فدعامة الإسلام الأولى، وأساسه القويم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتمامه بأداء شعائره، وأبرزها المداومة على الصلوات الخمس، كاملة الأركان، مستوفاة الشروط، وطهارة المال بدفع الزكاة، وطهارة البدن بصوم شهر رمضان، والانصياع التعبدي بحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا، من حافظ على هذه الشعائر، وحماها بالبعد عما ينافيها من المنكرات فقد أطاع الله واستحق الجنة، وكان راسخ الإسلام، ومن أضاع منها شيئا فقد عرض إسلامه للتزعزع، والانحلال المؤدي إلى العذاب الأليم.
-[المباحث العربية]-
(بني الإسلام على خمسة) وفي الروايات الثانية والثالثة والرابعة "على خمس" من غير تاء ومن المعلوم أنه إذا حذف المعدود جاز تذكير العدد وتأنيثه حسب تقدير المعدود، فإن جاء العدد مذكرا قدر المعدود لفظا مؤنثا، وإن جاء العدد مؤنثا قدر المعدود لفظا مذكرا.
وعلى هذا يقدر لرواية التاء خمسة أركان، أو خمسة أشياء، أو خمسة أصول، أو نحوها ولروايات حذف التاء خمس خصال، أو خمس دعائم، أو خمس قواعد، أو نحوها.
وقد اعترض على هذه العبارة بأن حديث جبريل، السابق أول كتاب الإيمان، أفاد أن الإسلام هو نفس الخمس، فكأنه قيل هنا: بني الإسلام على الإسلام، وهو غير سليم، لأن المبني على الشيء غير الشيء.
وأجيب عن هذا الاعتراض بأن لفظ "على" بمعنى "من" والتقدير: بني الإسلام وكون من خمس ومجموع أجزاء الشيء لا مانع أن تكون هي نفس الشيء.
وفي الحديث استعارة بالكناية بمعنى أنه شبه الإسلام ببيت له دعائم، فحذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو البناء، ويصح أن يكون من قبيل الاستعارة التمثيلية بمعنى أنه شبه هيئة الإسلام مع أركانه الخمسة بهيئة خباء أقيم على خمسة أعمدة.
ويصح أن يكون من قبيل الاستعارة التبعية في "بني" بمعنى أنه شبه ثبات الإسلام واستقامته على هذه الأمور بالبناء، ثم استعار البناء للاستقامة واشتق منه "بني" بمعنى استقام على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.