للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تغادر المكان، أو لم تتوقف عن مهاجمتي والإساءة إلي، حتى فهمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أرد عليها.

قال النووي: وليس فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة ولا أشار بعينه ولا غيرها، بل لا يحل اعتقاد ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين، وإنما فيه أنها انتصرت لنفسها، فلم ينهها. اهـ.

لكن روى النسائي وابن ماجه مختصرا، عن عائشة قالت: "دخلت على زينب بنت جحش، فسبتني، فرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت، فقال: سبيها فسببتها، حتى جف ريقها في فمها" قال الحافظ ابن حجر: فيمكن أن يحمل على التعدد اهـ قلت: وعلى أي حال فإنه يرد قول النووي رحمه الله وانتصار المظلوم مشروع والإذن له بالانتصار مشروع وليس ذلك من قبيل خائنة الأعين، بل من أمينة الأعين، وعادلة الأعين.

(قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها، حتى أنحيت عليها) "لم أنشبها" أي لم أمهلها، وفي لسان العرب: يقال: لم ينشب أن فعل كذا، أي لم يلبث، وحقيقته: لم يتعلق بشيء غيره ولا اشتغل بسواه، ومثل بحديث عائشة وزينب، وبقول عائشة في رواية "لم أنشب أن أثخنت عليها" وفي ملحق راويتنا الخامسة "فلما وقعت بها لم أنشبها أن أثخنتها" أي بالغت في جراحها وغلبتها.

قال النووي: "حين أنحيت عليها" في بعض النسخ "حتى أنحيت عليها، وهو صحيح، ورجح القاضي "حين" بالنون ومعنى أنحيت عليها بالنون والحاء، أي حتى قصدتها واعتمدتها بالمعارضة.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم: إنها ابنة أبي بكر) أي أنها شريفة، عاقلة، عارفة كأبيها، وفي رواية النسائي "فرأيت وجهه يتهلل".

(إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد) يومي، ويسأل عنه استبطاء له، وتشوقا إليه، و"إن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والحال محذوف، وجملة "كان" خبرها.

(يقول: أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ ) أي يقول ذلك في مرضه لزوجاته، زاد في رواية البخاري "حرصا على بيت عائشة، فلما كان يومي سكن" وفي رواية للبخاري "كان يسأل في مرضه الذي مات فيه: أين أنا غدا. أين أنا غدا - يريد يوم عائشة - فأذن له أزواجه، يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها" وفي رواية له "لما ثقل على النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له" وعند أحمد "أنه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: إني لا أستطيع أن أدور بيوتكن، فإذا شئتن أذنتن لي" وعند ابن سعد بإسناد صحيح "أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن: إنه يشق عليه الاختلاف"

(فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري) أي فلما كان يومها الأصيل، بحسب الدور والقسم، وإلا فقد صارت جميع الأيام في بيتها والسحر بفتح السين وضمها، وإسكان الحاء هي الرئة وما تعلق بها، قيل والمراد به الصدر، قال القاضي: وقيل: إنما هو "شجري" بالشين والجيم، وشبك هذا القائل أصابعه وأومأ إلى أنها ضمته إلى نحرها، مشبكة يديها عليه. قال: والصواب

<<  <  ج: ص:  >  >>