الرفيعة مأخوذ من السمو وهو الارتفاع والمراد أنها كانت تعتز بقرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي ابنة عمته وأن الله هو الذي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة وأمرا بخلاف عائشة فإن كون تزويجها من الله كان رؤيا وإشارة وأنها كانت شابة وجميلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها وإن كان بالدرجة الثانية بعد عائشة فالمراد أنها كانت تنافس عائشة على حبه وتقديره صلى الله عليه وسلم وفي الكلام قصر طريقه تعريف الطرفين "هي التي" أي دون غيرها من نسائه صلى الله عليه وسلم.
(ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى) المفضل في كل تفضيل مقدر، أي أتقى لله من زينب وأصدق حديثا من زينب ... إلخ وأصل "تصدق" و"تقرب" تتصدق وتتقرب.
وهذا المدح والثناء من عائشة وفاء وشكر لجميل موقف زينب من عائشة في حديث الإفك إذ قالت: والله ما علمت عنها إلا خيرا.
(ما عدا سورة من حدة، كانت فيها، تسرع منها الفيئة) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ "سورة من حد" بفتح الحاء بلا هاء وفي بعضها "من حدة" بكسر الحاء وبالهاء وقوله "سورة" هي بالسين المفتوحة ثم واو ساكنة ثم راء ثم تاء وهي الثوران وعجلة الغضب وأما الحدة فهي شدة الخلق وثورانه، قال: ومعنى الكلام أنها كاملة الأوصاف إلا أن فيها شدة خلق وسرعة غضب والفيئة بفتح الفاء والهمزة الرجوع أي إذا وقع ذلك منها رجعت عنه سريعا ولا تصر عليه وقد صحف صاحب التحرير في هذا الحديث تصحيفا قبيحا جدا فقال: "ما عدا سودة" بالدال، وجعلها سودة بنت زمعة وهذا من الغلط الفاحش نبهت عليه لئلا يغتر به.
(فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها، وهو بها) تشير بذلك إلى سرعة إرسالهن الرسل، وإلى طول مقام الرسول صلى الله عليه وسلم معها في مرطها مضاجعا.
(فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية "فذهبت زينب حتى استأذنت فقال: ائذنوا لها"
(قالت: ثم وقعت بي، فاستطالت علي) في رواية "فقالت: حسبك إذا برقت لك بنت ابن أبي قحافة ذراعيها" أي إذا كشفت لك ذراعيها، مال قلبك نحوها، وانصرف قلبك عنا، ومعنى "وقعت بي" أي عابتني يقال: وقع بفلان ووقع في فلان إذا سبه وعابه، أو اغتابه، ومعنى "استطالت علي" أي تطاولت علي وتكبرت علي وترفعت علي وأصله من مد العنق ليراه غيره وليبدو أطول، وفي رواية البخاري "فأغلظت".
(وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه هل يأذن لي فيها؟ )"أرقب" أي ألاحظ وأرصد وأنتظر والطرف العين أي أرصد حركاته وإشاراته وما تعبر عنه عينه هل يأذن لي بالرد عليها؟ والوقوع فيها كما وقعت في؟ .
(فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر) أي فلم