٥٤٨٥ - وفي رواية عن هشام بن عروة بهذا الإسناد غير أنه قال: عياياء طباقاء ولم يشك وقال: قليلات المسارح وقال: وصفر ردائها وخير نسائها وعقر جارتها وقال: ولا تنقث ميرتنا تنقيثا وقال: وأعطاني من كل ذابحة زوجا.
-[المعنى العام]-
عائشة وفاطمة - رضي الله عنهما - كانتا في سن متقاربة، وكانت غيرة النساء تدفع كلا منهما أن تنافس وتناقش الأخرى ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم، فسمع عائشة تفخر بأبيها وبمال أبيها، فقد كان من أغنياء مكة، وتفخر بإنفاق أبيها ماله كله في سبيل الدعوة حتى نفقة الهجرة كانت من ماله دينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تجد فاطمة ما ترد به دعوى عائشة فوقعت في شبه إفحام وخجل ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع عن ابنته وأن يبرز الحقيقة الساطعة وهي أن المنة لله ورسوله فقال مخاطبا عائشة: ما أنت بمنتهية يا حميراء عن ابنتي؟ إن مثلي ومثلك كأبي زرع لأم زرع وبسرعة وبذكاء مفرط وبخفة روح وبأدب ورقة حولت عائشة جو المناقشة إلى جو الحب والمرح والمداعبة، فقال: بأبي أنت وأمي أفديك يا رسول الله وما قصة أبي زرع وأم زرع؟ فبدأ يقص قصة حدثت منذ زمن بعيد في أرض بعيدة عن أرضه لا سبيل له بعلمها إلا عن طريق الوحي وعلام الغيوب قال: كان في الزمن الغابر في قرية من قرى اليمن اجتمع نساء من أهل القرية في بيت إحداهن - وكما هي عادة النساء إذا اجتمعن تحدثن عن أزواجهن وأحوالهن في معاشرتهم فاقترحت زعيمتهن أن تتكلم كل واحدة منهن بإيجاز شديد عن زوجها تصفه بما فيه بل بأبرز ما فيه من خير أو شر وتعاهدن وتعاقدن على أن لا يكتمن ولا يكذبن لكن لا عليهن أن يتكلمن بالكناية والإشارة إن خفن الإفصاح والتصريح بالتجريح.
قالت الأولى: زوجي لحم جمل، لا لحم ضأن بل لحم جمل غث رديء ومع ذلك فهو بعيد المنال صعب المعاملة ليس سهلا فتصل الزوجة إلى قلبه وتعمل على مرضاته ابتغاء خير ولو قل وليس فيه خير يطمع فيه فيسعى إليه ولو بمشقة فهو حقير بعيد المنال.
وقالت الثانية: زوجي لا حسن فيه، لا أجد ما أذكره به كله عجر وبجر وعيوب وأخاف إن فسرتها وبلغه قولي طلقني وأنا لا أستطيع العيشة بدونه.
وقالت الثالثة: زوجي مفرط في الطول المذموم، سيئ الخلق أنا معه بين نارين، إن نطقت بكلمة أطلب فيها حقي ضربني وطلقني وإن سكت على حقوقي وعلى إهانته واحتقاره لي أكن كالمعلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة.
وقالت الرابعة: زوجي سهل طيب مريح كالنسيم العليل في ليالي الصيف في منطقة تهامة لا أخاف شره ولا أسأم من جواره.