وقالت الخامسة: زوجي حسن المعاشرة رقيق حنون حين يدخل بيتي خفيف الحركة كثير الوقاع، يتغافل عما لا يرضيه من أحوالي يتجاهل سوء تصرفي لا يسألني ماذا فعلت؟ ولا لماذا فعلت؟ ولا لم لم تفعلي؟ وليس ذلك فيه غفلة وضعفا واستكانة وذلة فهو مع الناس خارج البيت أسد جسور يحسب له كل حساب.
قالت السادسة: زوجي شره أكول كثير النوم قليل الوصال يأكل ويشرب ينام ولا يمد يده نحوي بالمداعبة ولا يحاول مداخلتي، ولا إرضائي، ولا معرفة همومي وأحزاني.
قالت السابعة: زوجي مظلم الأخلاق، ضال لا يهتدي، أموره كلها مغلقة عليه، لا يكاد يبين، فإن تكلم ظهر حمقه، يضربني فيكسر عظامي أو يشق لحمي أو يجمع بين الكسر والشق، كل داء عند الناس هو فيه.
قالت الثامنة: زوجي ناعم الملمس كالأرنب، رقيق المشاعر لين الخلق، طيب الريح.
قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، شجاع كريم، يقصده الناس فيكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الدهر ويسكن في أبرز مكان، وفي أقرب مكان للمحتاجين.
قالت العاشرة: زوجي اسمه مالك، وله من اسمه نصيب فهو غني مالك وهو خير من كل من مدحتن من أزواج، يملك من الإبل الكثير ويذبح منها للضيفان ذبح من لا يخشى الفقر حتى أصبحت إبله الحية تترقب الموت، وتنتظر النحر، لما رأت من ذبح أختها بين الحين والحين.
قالت الحادية عشرة: وهي أم زرع - وقد كنيت بزرع ابن زوجها - زوجي غني سخي حسن العشرة احتضنني وأكرمني ورفعني وأعزني كنت من قوم فقراء يعيشون على غنيمات بشق الأنفس أجسامهم نحيلة من الجوع، ثيابهم خلقة من الفقر لا يملكون زينة لنسائهم فأثقل أذني وصدري وساعدي بالذهب والحلي وأشبعني بأصناف المأكولات والمشروبات حتى سمنت واحترمني وعظمني فعظمت نفسي إلى نفسي وشعرت عنده بالعزة والكرامة إذا تكلمت سمع قولي ونفذ أمري وإذا نمت نمت نوم العروس نوم هناء لا إزعاج فيه، إذا أكلت أكلت ما أشتهي من ألوان الطعام حتى أشبع وإذا شربت شربت من أصناف المشروبات حتى أروى.
وهكذا شعرت أم زرع عند أبي زرع بالسعادة والحب وحب الشخص يسري إلى حب من حوله حتى الجماد الذي يحيط به وقديما قال الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
وقال الآخر:
فأحبها وتحبني ... ويحب ناقتها بعيري
لذا نجدها تصف حماتها أم زوجها بالغنى وكثرة الخير وتصف ابن زوجها بالرقة والحسن، وتصف ابنة زوجها بالجمال والحسن، ونقاء الطبع، حتى جارية أبي زرع تصفها بالأمانة والنظافة والطاعة.