كل هذه الأوصاف تقولها على الرغم من أن أبا زرع طلقها وتزوج غيرها وتزوجت غيره من أهل الثراء لكن صدق القائل: وما الحب إلا للحبيب الأول.
وهكذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القصة ليقول في آخرها ما قاله في أولها: كنت لك كأبي زرع لأم زرع فتقول عائشة رضي الله عنها - وعلى شفتيها ابتسامة الحب والاعتذار - بل أنت يا رسول الله خير لي من أبي زرع لأم زرع.
-[المباحث العربية]-
(عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: جلس إحدى عشرة امرأة) ظاهر هذا أن الحديث موقوف غير مرفوع قال الحافظ ابن حجر: المرفوع منه في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم "كنت لك كأبي زرع لأم زرع" وباقيه من قول عائشة وجاء خارج الصحيحين مرفوعا كله فعند النسائي بلفظ "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع قالت عائشة بأبي وأمي يا رسول الله ومن كان أبو زرع؟ قال: اجتمع نساء ... " فساق الحديث كله.
وأما قوله "جلس إحدى عشرة امرأة" فهو هكذا في معظم نسخ مسلم قال ابن التين: التقدير: جلس جماعة إحدى عشرة امرأة وهو مثل قوله تعالى {وقال نسوة في المدينة}[يوسف: ٣٠] اهـ. أي كان حق الفعل أن يؤنث لأن الفاعل حقيقي التأنيث وفي رواية أبي عوانة "جلست إحدى عشرة امرأة" وفي رواية "اجتمع إحدى عشرة امرأة" وفي بعض نسخ مسلم وفي رواية أبي يعلى "اجتمعن إحدى عشرة امرأة" قال القرطبي: زيادة النون على لغة "أكلوني البراغيث" وقد أثبتها جماعة من أئمة العربية، أي أثبتوا لحوق علامة الجمع والتثنية والتأنيث في الفعل إذا تقدم على الأسماء واستشهدوا لها بقوله تعالى {وأسروا النجوى الذين ظلموا}[الأنبياء: ٣] وحديث "يتعاقبون فيكم ملائكة" وقد تكلف بعض النحاة رد هذه اللغة إلى اللغة المشهورة وهي أن لا يلحق علامة الجمع أو التثنية أو التأنيث في الفعل، إذا تقدم على الأسماء، وخرج لها وجوها وتقديرات في غالبها نظر ولا يحتاج إلى ذلك بعد ثبوتها نقلا وصحتها استعمالا.
وقال عياض: الأشهر ما وقع في الصحيحين، وهو توحيد الفعل مع الجمع.
ومن التوجيهات التي ذكروها في رواية "جلسن" أي يكون "إحدى عشرة" بدلا من الضمير في "جلسن"، والنون على هذا ضمير، لا حرف علامة، أو أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: من هن؟ فقيل: إحدى عشرة امرأة، أو مفعول به منصوب، بإضمار أعني.
وسميت أسماؤهن في روايات ضعيفة لا يعتد بها، ولم يسم - في رواية من الروايات - أزواجهن، ولا ابنة أبي زرع ولا أمه ولا الجارية ولا المرأة التي تزوجها أبو زرع ولا الرجل الذي تزوجته أم زرع.
وقد اختلف ترتيبهن في بعض الروايات في غير الصحيحين عنها في الصحيحين ولا ضير في ذلك ولا أثر للتقديم والتأخير.
وفي سبب سياق هذا الحديث أخرج أبو القاسم عبد الحكيم بن حيان بسند له مرسل "دخل