للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

الروايات الأربع الأوليات في رغبة علي الزواج من ابنة أبي جهل على زوجته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وعنها يقول النووي:

أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله صلى الله عليه وسلم في روايتنا الثالثة "لست أحرم حلالا" ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى إيذاء فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك من أذاه فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة (والنص على هذه العلة قوله في الرواية الأولى والثانية "فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها") والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة. اهـ. والنص على هذه العلة قوله في الرواية الرابعة "وإنما أكره أن يفتنوها" وسواء أراد النووي أن العلة مجموع الأمرين وأن كلا منهما جزء علة أو أراد أن كلا منهما علة مستقلة توجب المعلول، فإن المعنى أن النهي عن الجمع بين فاطمة وبين بنت أبي جهل حينئذ ليس لذاته، وإنما لما يؤدي إليه والشيء قد يكون مباحا في ذاته لكنه يمنع وينهى عنه إذا كان وسيلة لمحرم، من قبيل إعطاء الوسيلة حكم الغاية، كالخطوات فإنها إن كانت للصلاة كان لها الأجر وإن كانت لفاحشة كان عليها الوزر قال ابن التين: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالاتفاق، ومعنى قوله "لا أحرم حلالا" أي هي حلال له لو لم تكن عنده فاطمة وأما الجمع بينهما الذي يستلزمه تأذي النبي صلى الله عليه وسلم لتأذي فاطمة به فلا اهـ. ومعنى هذا أن فاطمة لو رضيت بذلك، لم يمنع علي من التزويج بها أو بغيرها.

ثم قال النووي: وقيل: ليس المراد به النهي عن جمعهما، بل معناه أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن من فضل الله أنه قضى أنهما لا تجتمعان (فكأن قوله "والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا" ليس نهيا ولكنه إخبار عما سيحصل، لوثوق المخبر بالخبر).

ثم قال: ويحتمل أن المراد النهي وتحريم جمعهما ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله ويكون معنى "لا أحرم حلالا" أي لا أقول شيئا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئا لم أحرمه وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه لأن سكوتي تحليل له. اهـ. أي هذا الجمع حرام من عند الله فأنا لا أحلل ولا أحرم من عند نفسي.

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتزوج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليها السلام.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

١ - تحريم أذى من يتأذى النبي صلى الله عليه وسلم بتأذيه لأن أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام اتفاقا قليله وكثيره.

٢ - وفيه حجة لمن يقول بسد الذرائع.

٣ - وفيه بقاء عار الآباء في أعقابهم لقوله "بنت عدو الله" فإن فيه إشعارا بأن للوصف تأثيرا في المنع مع أنها كانت مسلمة، حسنة الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>