وفي الرواية الخامسة "أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس" وفي ملحقها "أن أكيدر دومة الجندل أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة" والأكثرون على أن الحلة - بضم الحاء وتشديد اللام المفتوحة - لا تكون إلا ثوبين، يحل أحدهما على الآخر، والبعض يقول: الحلة ثوب واحد جديد، قريب العهد بحله من طيه، ولما كان الثابت أن المهدي من أكيدر دومة الجندل كان قباء وأنه صاحب القصة كان قول غير الأكثرين هنا هو الصحيح ويئول على قول الأكثرين.
والجبة بضم الجيم وتشديد الباء ثوب سابغ، واسع الكمين، مشقوق المقدم، يلبس فوق الثياب، والقباء بفتح القاف ثوب يلبس فوق الثياب، و"أكيدر" بضم الهمزة تصغير "أكدر" وهو أكيدر بن عبد الملك، و"دومة الجندل" بضم الدال وسكون الواو، بلد بين الحجاز والشام. مدينة قرب تبوك بها نخل وزرع وحصن، على عشر مراحل من المدينة، وثمان مراحل من دمشق، وكان أكيدر ملكها، وكان نصرانيا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه خالد بن الوليد في سرية، فأسره وقدم به المدينة، فصالحه النبي صلى الله عليه وسلم على الجزية وأطلقه، وروي أنه لما قدم المدينة أخرج قباء من ديباج منسوجا بالذهب وقد سبق الموضوع في كتاب اللباس، وفي باب حكم لبس الحرير.
(فجعل أصحابه يلمسونها، ويعجبون من لينها)"يلمسونها" بضم الميم وكسرها وفي رواية البخاري "فجعل أصحابه يمسونها" وفي الرواية الخامسة "فعجب الناس منها".
(أتعجبون من لين هذه؟ ) الاستفهام إنكاري توبيخي بمعنى لا ينبغي أن تعجبوا، يعني لا تعجبوا.
(لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها، وألين) وفي الرواية الخامسة "والذي نفس محمد بيده إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" فاللام في "لمناديل سعد" في جواب قسم محذوف وفي رواية البخاري "خير منها أو ألين" والمناديل جمع منديل بكسر الميم في المفرد وهو هذا الذي يحمل في اليد قال أهل اللغة: هو مشتق من الندل، وهو النقل، لأنه ينقل من واحد إلى واحد، وقيل: من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به، يقال: تندلت بالمنديل.
-[فقه الحديث]-
في الحديث إشارة إلى عظيم منزلة سعد بن معاذ.
وتبشير له بأنه من أهل الجنة.
وأن أدنى ثيابه فيها خير من حرير الدنيا لأن المنديل أدنى الثياب لأنه معد للوسخ والامتهان فغيره أفضل. والله أعلم.