٣٠٤ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأيتني في الحجر. وقريش تسألني عن مسراي. فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها. فكربت كربة ما كربت مثله قط. قال فرفعه الله لي أنظر إليه. ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به. وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء. فإذا موسى قائم يصلي. فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة. وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي. أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي. وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي. أشبه الناس به صاحبكم (يعني نفسه) فحانت الصلاة فأممتهم. فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد، هذا مالك صاحب النار فسلم عليه. فالتفت إليه فبدأني بالسلام".
٣٠٥ - عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى. وهي في السماء السادسة. إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض. فيقبض منها. وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها. فيقبض منها. قال:{إذ يغشى السدرة ما يغشى}[النجم: ١٦]. قال: فراش من ذهب. قال، فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس. وأعطي خواتيم سورة البقرة. وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات.
-[المعنى العام]-
بعد أن توفي أبو طالب حامي الرسول صلى الله عليه وسلم من أذى الكفار، والمدافع عنه ضد مكائدهم وعنتهم وجهلهم، وبعد أن توفيت خديجة المؤنسة الأولى، والمواسية الكبرى، بعد أن توفيا في عام واحد واشتد ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم، وبلغ به الأسى أن سمى ذلك العام عام الحزن، وضاق ذرعا بأذى الكفار الذي بلغ منه مبلغا لم يسبق له مثيل.
وفي هذه الظروف العصيبة جاءت حادثة الإسراء والمعراج، للإشارة إلى أنه إن فاتته صلى الله عليه وسلم حماية العم فإنه محاط بحماية الرب عز وجل، ولئن فاتته مؤانسة الزوج فإنه مشمول بمؤانسة الملأ الأعلى، ولئن أحاط به تكذيب أهل مكة وأذاهم فإنه مصدق من أهل السماء، مكرم فيهم غاية التكريم. جاءت حادثة الإسراء كبلسم للجراح، وكشحنة إلهية من الصبر والقوة، لتدفع محمدا صلى الله عليه وسلم